للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بَابُ: الْحِرْصِ وَطُولِ الْأَمَلِ

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ الضَّبِّيُّ , عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ , أَنَّ الدَّرْدَاءَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ , قَالَ: «مَا لِيَ أَرَى عُلَمَاءَكُمْ يَذْهَبُونَ، وَإِنَّ جُهَّالَكُمْ لَا يَتَعَلَّمُونَ.

تَعَلَّمُوا قَبْلَ أَنْ يُرْفَعَ الْعِلْمُ بِذِهَابِ الْعُلَمَاءِ.

مَا لِيَ أَرَاكُمْ تَحْرِصُونَ عَلَى مَا تَكَفَّلَ اللَّهُ لَكُمْ بِهِ، وَتُضَيِّعُونَ مَا وُكِلْتُمْ إِلَيْهِ.

لَأَنَا أَعْلَمُ شِرَارَكُمْ مِنَ الْبِيطَارِ فِي الْخَيْلِ، هُمُ الَّذِينَ لَا يُؤَدُّونَ الزَّكَاةَ إِلَّا غَرَامًا، وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا دُبُرًا، وَلَا يَسْمَعُونَ الْقُرْآنَ إِلَّا هَجْرًا، يَعْنِي التَّرْكَ وَالْإِعْرَاضَ عَنْهُ، وَلَا يَعْتِقُونَ مُحَرَّرِيهُمْ» .

الْحِرْصُ عَلَى وَجْهَيْنِ: حِرْصٌ مَذْمُومٌ، وَحِرْصٌ غَيْرُ مَذْمُومٍ وَتَرْكُهُ أَفْضَلُ.

فَأَمَّا الْحِرْصُ الَّذِي هُوَ مَذْمُومٌ فَهُوَ أَنْ يَشْغَلَهُ عَنْ أَدَاءِ أَوَامِرِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ يُرِيدُ جَمْعَ الْمَالِ لِلتَّكَاثُرِ وَالتَّفَاخُرِ.

وَأَمَّا الَّذِي هُوَ غَيْرُ مَذْمُومٍ، فَهُوَ أَنْ لَا يَتْرُكَ شَيْئًا مِنْ أَوَامِرِ اللَّهِ تَعَالَى لِأَجْلِ جَمْعِ الْمَالِ.

وَلَا يُرِيدُ بِهِ التَّفَاخُرَ، فَهَذَا غَيْرُ مَذْمُومٍ لِأَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ بَعْضُهُمْ يَجْمَعُ الْمَالَ وَلَا يُنْكِرُ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيَّنَ أَنَّ تَرْكَهُ أَفْضَلُ.

وَقَدْ بَيَّنَ أَبُو الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي هَذَا الْخَبَرِ أَنَّ الْحِرْصَ مَذْمُومٌ إِذَا ضَيَّعَ أَوَامِرَ اللَّهِ تَعَالَى.

لِأَنَّهُ قَالَ: وَتَحْرِصُونَ عَلَى مَا تَكَفَّلَ اللَّهُ لَكُمْ بِهِ.

يَعْنِي أَرْزَاقَكُمْ فَتَحْرِصُونَ عَلَى طَلَبِهَا وَتُضَيِّعُونَ مَا وُكِلْتُمْ إِلَيْهِ.

يَعْنِي: أَمْرَ الطَّاعَةِ.

قَوْلُهُ:

<<  <   >  >>