للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٨٠٧ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَمَّادٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ وَهْبِ بْنِ أَبِي كَرِيمَةَ، أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحِيمِ، حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: " كَانَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: رُكَانَةُ وَكَانَ مِنْ أَفْتَكِ النَّاسِ وَأَشَدِّهِمْ، وَكَانَ مُشْرِكًا، وَكَانَ يَرْعَى غَنَمًا لَهُ فِي وَادٍ يُقَالُ لَهُ أَضَمٌ، فَخَرَجَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَيْتِ عَائِشَةَ ذَاتَ يَوْمٍ فَتَوَجَّهَ قِبَلَ ذَلِكَ الْوَادِي فَلَقِيَهُ رُكَانَةُ وَلَيْسَ مَعَ نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدٌ، فَقَامَ إِلَيْهِ رُكَانَةُ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَنْتَ الَّذِي تَشْتُمُ آلِهَتَنَا اللَّاتَ وَالْعُزَّى، وَتَدَعُو إِلَى إِلَهِكَ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ، لَوْلَا رَحِمٌ بَيْنِي وَبَيْنَكَ مَا كَلَّمْتُ الْكَلَامَ يَعْنِي: حَتَّى أَقْتُلَكَ، وَلَكِنِ ادْعُ إِلَهَكَ الْعَزِيزَ الْحَكِيمَ يُنَجِّيكَ مِنِّي الْيَوْمَ وَسَأَعْرِضُ عَلَيْكَ أَمْرًا هَلْ لَكَ إِنْ صَارَعْتُكَ وَتَدَعُو إِلَهَكَ الْعَزِيزَ الْحَكِيمَ فَيُعِينُكَ عَلَيَّ، وَأَنَا أَدْعُو اللَّاتَ وَالْعُزَّى، فَإِنْ أَنْتَ صَرَعْتَنِي فَلَكَ عَشْرٌ مِنْ غَنَمِي هَذِهِ تَخْتَارُهَا؟ فَقَالَ عِنْدَ ذَلِكَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «نَعَمْ، إِنْ شِئْتَ» فَاتَّحَدَا، فَدَعَا نَبِيُّ اللهِ إِلَهَهُ الْعَزِيزَ الْحَكِيمَ أَنْ يُعِينَهُ عَلَى رُكَانَةَ، وَدَعَا رُكَانَةُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى: أَعِنِّي الْيَوْمَ عَلَى مُحَمَّدٍ، فَأَخَذَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَرَعَهُ وَجَلَسَ عَلَى صَدْرِهِ، ⦗١١١٥⦘ فَقَالَ رُكَانَةُ: قُمْ، فَلَسْتَ الَّذِي فَعَلْتَ بِي هَذَا إِنَّمَا إِلَهُكَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ، وَخَذَلَنِي اللَّاتُ وَالْعُزَّى، وَمَا وَضَعَ جَنْبِي أَحَدٌ قَبْلَكَ، فَقَالَ لَهُ رُكَانَةُ: فَإِنْ أَنْتَ صَرَعْتَنِي فَلَكَ عَشْرٌ أُخْرَى تَخْتَارُهَا، فَأَخَذَهُ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدَعَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلَهَهُ، كَمَا فَعَلَا أَوَّلَ مَرَّةٍ، فَصَرَعَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَلَسَ عَلَى كَبِدِهِ، فَقَالَ لَهُ رُكَانَةُ: لَسْتَ أَنْتَ الَّذِي فَعَلْتَ بِي هَذَا إِنَّمَا فَعَلَهُ إِلَهُكَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ، وَخَذَلَنِي اللَّاتُ وَالْعُزَّى، وَمَا وَضَعَ جَنْبِي أَحَدٌ قَبْلَكَ، فَقَالَ رُكَانَةُ: فَإِنْ أَنْتَ صَرَعْتَنِي فَلَكَ عَشْرٌ أُخْرَى تَخْتَارُهَا، فَأَخَذَهُ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدَعَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلَهَهُ، كَمَا فَعَلَا أَوَّلَ مَرَّةٍ فَصَرَعَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الثَّالِثَةَ، فَقَالَ لَهُ رُكَانَةُ: لَسْتَ أَنْتَ الَّذِي فَعَلْتَ بِي هَذَا، إِنَّمَا فَعَلَهُ إِلَهُكَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ، وَخَذَلَنِي اللَّاتُ وَالْعُزَّى، فَدُونَكَ ثَلَاثِينَ شَاةً مِنْ غَنَمِي فَاخْتَرْهَا، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا أُرِيدُ ذَلِكَ، وَلَكِنْ أَدْعُوكَ إِلَى الْإِسْلَامِ يَا رُكَانَةُ، وَأَنْفَسُ بِكَ أَنْ تَصِيرَ إِلَى النَّارِ، إِنَّكَ إِنْ تُسْلِمْ تَسْلَمْ» ، فَقَالَ لَهُ رُكَانَةُ: لَا إِلَّا أَنْ تُرِيَنِي آيَةً، فَقَالَ لَهُ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللهُ عَلَيْكَ شَهِيدٌ، لَئِنْ أَنَا دَعَوْتُ رَبَّكَ فَأَرَيْتُكَ آيَةً لَتُجِيبُنِي إِلَى مَا أَدْعُوكَ إِلَيْهِ؟» قَالَ: نَعَمْ، وَقَرِيبٌ مِنْهُمَا شَجَرَةُ سَمُرٍ ذَاتُ فُرُوعٍ وَقُضْبَانٍ، فَأَشَارَ إِلَيْهَا نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ لَهَا: «أَقْبِلِي بِإِذْنِ اللهِ» فَانْشَقَّتْ بِاثْنَيْنِ فَأَقْبَلَتْ عَلَى نِصْفِ سَاقِهَا وَقُضْبَانِهَا وَفُرُوعِهَا حَتَّى كَانَتْ بَيْنَ يَدَيْ نَبِيِّ اللهِ وَبَيْنَ رُكَانَةَ، فَقَالَ لَهُ رُكَانَةُ: أَرَيْتَنِي عَظِيمًا، فَمُرْهَا فَلْتَرْجِعْ، فَقَالَ لَهُ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَلَيْكَ اللهُ شَهِيدٌ، إِنْ أَنَا دَعَوْتُ رَبِّي ثُمَّ أَمَرْتُهَا فَرَجَعَتْ لَتُجِيبُنِي إِلَى مَا أَدْعُوكَ إِلَيْهِ؟» قَالَ: نَعَمْ , فَأَمَرَهَا، فَرَجَعَتْ بِقُضْبَانِهَا وَفُرُوعِهَا، حَتَّى إِذَا الْتَأَمَتْ بِشِقِّهَا، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَسْلِمْ تَسْلَمْ» فَقَالَ لَهُ رُكَانَةُ: مَا بِي إِلَّا أَنْ أَكُونَ قَدْ رَأَيْتُ عَظِيمًا، وَلَكِنِّي أَكْرَهُ أَنْ تَسَامَعَ نِسَاءُ الْمَدِينَةِ ⦗١١١٦⦘ وَصِبْيَانُهُمْ أَنِّي إِنَّمَا أَجَبْتُكَ لِرُعْبٍ دَخَلَ قَلْبِي مِنْكَ وَلَكِنْ قَدْ عَلِمَتْ نِسَاءُ الْمَدِينَةِ وَصِبْيَانُهُمْ أَنَّهُ لَمْ يُوضَعْ جَنْبِي قَطُّ وَلَمْ يَدْخُلْ قَلْبِي رُعْبٌ سَاعَةً قَطُّ لَيْلًا وَلَا نَهَارًا، وَلَكِنْ دُونَكَ، فَاخْتَرْ غَنَمَكَ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ بِي حَاجَةٌ إِلَى غَنَمِكَ إِذَا أَبِيتَ أَنْ تُسْلِمَ» ، فَانْطَلَقَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَاجِعًا وَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا يَلْتَمِسَانِهِ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ فَأَخْبَرَتْهُمَا أَنَّهُ قَدْ تَوَجَّهَ قِبَلَ وَادِي أَضَمٍ، وَقَدْ عَرَفَا أَنَّهُ وَادِي رُكَانَةَ لَا يَكَادُ يُخْطِئُهُ، فَخَرَجَا فِي طَلَبِهِ وَأَشْفَقَا أَنْ يَلْقَاهُ رُكَانَةُ فَيَقْتُلَهُ فَجَعَلَا يَتَصَاعَدَانِ عَلَى كُلِّ شَرَفٍ وَيَتَشَرَّفَانِ لَهُ، إِذْ نَظَرَا نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُقْبِلًا فَقَالَا: يَا نَبِيَّ اللهِ، كَيْفَ تَخْرُجُ إِلَى هَذَا الْوَادِي وَحْدَكَ وَقَدْ عَرَفْتَ أَنَّهُ جِهَةُ رُكَانَةَ وَأَنَّهُ مِنْ أَقْتَلِ النَّاسِ وَأَشَدِّهِمْ تَكْذِيبًا لَكَ؟ فَضَحِكَ إِلَيْهِمَا، ثُمَّ قَالَ: " أَلَيْسَ يَقُولُ اللهُ تَعَالَى لِي: {وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة: ٦٧] ؟ إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَصِلُ إِلَيَّ وَاللهُ مَعِي" فَأَنْشَأَ يُحَدِّثُهُمَا حَدِيثَ رُكَانَةَ وَالَّذِي فَعَلَ بِهِ وَالَّذِي أَرَاهُ، فَعَجِبَا مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَصَرَعْتَ رُكَانَةَ، فَلَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا وَضَعَ جَنْبَيْهِ إِنْسَانٌ قَطُّ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي دَعَوْتُ اللهَ رَبِّي فَأَعَانَنِي عَلَيْهِ، وَإِنَّ رَبِّي أَعَانَنِي بِبِضْعَ عَشْرَةَ وَبِقُوَّةِ عَشْرَةٍ»

<<  <  ج: ص:  >  >>