٤٤٦٣ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي عَاصِمٍ، ثنا الْحَوْطِيُّ، ثنا أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ دِينَارٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَخِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّمَا مَثَلُ أَحَدِكُمْ، وَمَثَلُ أَهْلِهِ وَعَمَلِهِ وَمَالِهِ كَرَجُلٍ لَهُ ثَلَاثَةُ إِخْوَةٍ، فَقَالَ لِأَخِيهِ الَّذِي هُوَ مَالُهُ حِينَ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ وَنَزَلَ بِهِ الْمَوْتُ: مَاذَا عِنْدَكَ؟ فَقَدْ نَزَلَ بِي مَا تَرَى، فَمَاذَا عِنْدَكَ؟ فَقَالَ أَخُوهُ الَّذِي هُوَ مَالُهُ: مَالَكَ عِنْدِي غَنَاءٌ، وَمَالَكَ عِنْدِي نَفْعٌ، إِلَّا مَا دُمْتَ حَيًّا، فَخُذْ مِنِّي الْآنَ مَا أَرَدْتَ، فَإِنِّي إِذَا فَارَقْتُكَ سَيُذْهَبُ بِي إِلَى مَذْهَبٍ غَيْرِ مَذْهَبِكَ، وَسَيَأْخُذُنِي غَيْرُكَ"، فَالْتَفَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «هَذَا أَخُوهُ الَّذِي هُوَ مَالُهُ، فَأَيُّ أَخٍ تَرَوْنَهُ؟» ، قَالُوا: لَا نَسْمَعُ طَائِلًا يَا رَسُولَ اللهِ، ثُمَّ قَالَ لِأَخِيهِ الَّذِي هُوَ أَهْلُهُ: " قَدْ نَزَلَ عَنِ الْمَوْتِ، وَحَضَرَ مَا تَرَى، فَمَاذَا عِنْدَكَ مِنَ الْغِنَاءِ؟ قَالَ: غَنَائِي أَنْ أُمَرِّضَكَ وَأَقُومَ عَلَيْكَ، وَأُعِينُكَ، فَإِذَا مُتَّ غَسَّلْتُكَ، وَحَنَّطْتُكَ، وَكَفَّنْتُكَ، ثُمَّ حَمَلْتُكَ فِي الْحَامِلِينَ، وَشَيَّعْتُكَ، فَأَحْمِلُكَ مَرَّةً، وَأُمِيطُ أُخْرَى، ثُمَّ أَرْجِعُ عَنْكَ فَأُثْنِي بِخَيْرٍ عِنْدَ مَنْ سَأَلَنِي"، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلَّذِي هُوَ أَهْلُهُ: «أَيُّ أَخٍ تَرَوْنَ هَذَا؟» ، ⦗١٧٦١⦘ قَالُوا: لَا نَسْمَعُ طَائِلًا يَا رَسُولَ اللهِ، ثُمَّ قَالَ لِأَخِيهِ الَّذِي هُوَ عَمَلُهُ: " مَاذَا عِنْدَكَ؟ وَمَاذَا لَدَيْكَ؟ فَقَالَ: أُشَيِّعُكَ إِلَى قَبْرِكَ، فَأُونِسُ وَحْشَتَكَ، وَأَكُونُ مَعَكَ، وَأُجَادِلُ عَنْكَ، وَأَقْعُدُ فِي كَفَنِكَ، فَأَشُولَ بِخِطَايَاكَ"، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيُّ أَخٍ تَرَوْنَ الَّذِي هُوَ عَمَلُهُ» ، قَالُوا: خَيْرُ أَخٍ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «فَالْأَمْرُ هَكَذَا» قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقَامَ عَبْدُ اللهِ بْنُ كُرْزٍ اللَّيْثِيُّ، فَقَالَ: أَيْ رَسُولَ اللهِ، أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أَقُولَ عَلَى هَذَا شِعْرًا؟ قَالَ: «نَعَمْ» ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَمَا بَاتَ إِلَّا لَيْلَتَهُ تِلْكَ حَتَّى غَدَا عَبْدُ اللهِ بْنِ كُرْزٍ، وَاجْتَمَعَ الْمُسْلِمُونَ لَمَّا سَمِعُوا مِنْ تَمْثِيلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَوْتَ وَمَا فِيهِ، فَجَاءَ ابْنُ كُرْزٍ، فَقَامَ عَلَى رَأْسِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ النَّبِيُّ: «إِيهِ إِيهِ يَا ابْنَ كُرْزٍ» ، فَقَالَ:
[البحر الطويل]
إِنِّي وَأَهْلِي وَالَّذِي قَدَّمَتْ يَدِي ... كَدَاعٍ إِلَيْهِ صَحْبَهُ ثُمَّ قَائِلُ
لِأَصْحَابِهِ إِذْ هُمْ ثَلَاثَةُ إِخْوَةٍ ... أَعِينُوا عَلَيَّ الْيَوْمَ أَمْرِيَ نَازِلُ
فِرَاقٌ طَوِيلٌ غَيْرُ ذِي مَثْنَوِيَّةٍ ... فَمَاذَا لَدَيْكُمْ فِي الَّذِي هُوَ غَائِلي
فَقَالَ امْرُؤٌ مِنْهُمْ أَنَا الصَّاحِبُ الَّذِي ... أُطِيعُكَ فِيمَا شِئْتَ قَبْلَ التَّزَاؤُلِ
فَأَمَّا إِذَا جَدَّ الْفِرَاقُ فَإِنَّنِي ... لِمَا بَيْنَنَا مِنْ خُلَّةٍ غَيْرُ وَاصِلِ
أَبَدًا حِينَئِذٍ فَلَا تَسْتَطِيعَنَّ ... لِذَلِكَ أَحْيَانًا صُروُفُ التَّدَاؤُلِ
فَخُذْ مَا أَرَدْتَ الْآنَ مِنِّي فَإِنَّنِي ... سَبِيلُكَ بِي فِي مَهْبِلَ مِنْ مَهَابِلِ
وَإِنْ تُبْقِنِي لَا تُبْقِ مَا تَسْتَفِيدُهُ ... فَعَجِّلْ ضَدْحًا قَبْلَ حَتْفٍ مُعَاجِلِ
وَقَالَ امْرُؤٌ قَدْ كُنْتُ جَدًّا لِحُبِّهِ ... وَأُوثِرُهُ مِنْ بَيْنِهِمْ فِي التَّفَاضُلِ
غِنَائِي إِنِّي جَاهِدٌ لَكَ نَاصِحٌ ... إِذَا حَدَّ حَدُّ الْكَرْبِ غَيْرَ مُقَاتِلِ
وَلَكِنَّنِي بَاكٍ عَلَيْكَ وَمُعْوِلٌ ... وَمُثْنِي بِخَيْرٍ عِنْدَ مَنْ طَائِلِ
⦗١٧٦٢⦘ وَمُتَّبِعُ الْمَاشِينَ أَمْشِي مُشَيِّعًا ... أُعِينُ تَرَفُّقَ عَقَبَةِ كُلِّ حَامِلِ
إِلَى بَيْتِ مَثْوَاكَ أَنْتَ مُدْخَلٌ ... وَأَرْجِعُ حِينَئِذٍ بِمَا هُوَ شَاغِلِي
كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنِي وَبَيْنَكَ خُلَّةٌ ... وَلَا حُسْنُ وُدٍّ مَرَّةً فِي التَّبَادُلِ
وَذَلِكَ أَهْلُ الْمَرْءِ ذَاكَ غِنَاؤُهُمْ ... وَلَيْسُوا وَإِنْ كَانُوا حِرَاصًا بِطَائِلِ
وَقَالَ امْرُؤٌ مِنْهُمْ أَنَا الْأَخُ لَا تَرَى ... أَخًا لَكَ مِثْلِي عِنْدَ جَهْدِ الزَّلَازِلِ
لَدَى الْقَبْرِ تَلْقَانِي هُنَالِكَ قَاعِدًا ... إِجْلَالِ عَنْكَ يَرْفَرُ جَاعَ التَّجَادُلِ
وَأَقْصِدُ يَوْمَ الْوَزْنِ فِي الْكِفَّةِ الَّتِي ... تَكُونُ عَلَيْهَا جَاهِدًا فِي التَّثَاقُلِ
فَلَا تَنْسَ وَاعْلَمْ مَكَانَتِي فَإِنَّنِي ... عَلَيْكَ شَفِيقٌ نَاصِحٌ غَيْرُ خَاذِلِ
وَذَاكَ بِمَا قَدَّمْتَ مِنْ كُلِّ صَالِحٍ ... تُلَاقِيهِ إِنْ أَحْسَنْتَ يَوْمَ التَّفَاضُلِ
قَالَتْ عَائِشَةُ: فَمَا بَقِيَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذُو عَيْنٍ تَطْرِفُ إِلَّا دَمَعَتْ، ثُمَّ كَانَ ابْنُ كُرْزٍ يَمُرُّ عَلَى مَجَالِسِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُسْتَنْشَدُ؛ فَيُنْشِدُهُمْ، فَلَا يَبْقَى أَحَدٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينِ إِلَّا بَكَى قَالَ الْحَوْطِيُّ: هَؤُلَاءِ مِنْ وَلَدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، يَعْنِي عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَأَخَاهُ رَوَاهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ نَفْسِهِ مِثْلَهُ