من مياه بني لحيان أرض الهدأة «١» ، فامتنعوا عليهم وهم كثير، فبرك عاصم ورماهم، فقتل رجلين بالنبل ورجلا بالسيف، وقتلوه وأرادوا أن يحتزوا رأسه، ويمثلوا به، فبعث الله تعالى الدبر فحمته واظلت عكوفا عليه، فقال بعضهم: ارقبوه حتى يمسي فان الدبر لم تبت قط إلا في خشارمهم «٢» ، ففعلوا، فلما جعلت الدبر تطير رفاقا وطمعوا فيه بعث الله تعالى سحابة فأمطرها عليه، فذهب به سيلها، وإنما أرادتهم على احتزاز رأسه امرأة منهم، لأن الذين قتلهم هم زوجها وأخوها وابنها، فنذرت أن تجعل قحفه ميضأة.
وقال عمرو بن عبد الله بن مسلمة «٣» :
ومنا الذي سيقت له الدبر جنة ... من المثل إذ وافى حمام المقادر
١٥٠- وجد شاب قتيل بظهر الطريق أيام عمر، فلم يقدر على قاتله. فقال: اللهم أظفرني بقاتله، حتى إذا كان على رأس الحول وجد صبي ملقى بموضع القتيل، فقال: ظفرت بدم القتيل إن شاء الله. فدفعه إلى ظئر «٤» وقال لها: إن جاءتك امرأة تقبله وترحمه فأعلميني. فلما شب وطاب إذا هي بجارية قالت لها: إن سيدتي تطلب أن تذهبي به إليها، ففعلت، فضمته إلى صدرها وقبلته، وتلك بنت شيخ من الأنصار.