بينهم، وقامت مناهج الدين، واعتدلت معالم العدل، وجرت على أذلالها السنن، فصلح بذلك الزمان، وطمع في بقاء الدولة، ويئست مطامع الأعداء.
وإذا غلبت الرعية واليها وأجحف الوالي برعيته اختلفت هناك الكلمة، وظهرت معالم الجور، وكثر الادغال في الدين، وتركت محاج السنن، فلا يستوحش لعظيم حق عطل، ولا لعظيم باطل فعل، فهنا لك تذل الأبرار، وتعز الأشرار.
١٨٧- أسر مروان بن الحكم يوم الجمل، فكلم فيه الحسن والحسين فخلاه علي، فقالا له: يبايعك يا أمير المؤمنين، فقال: ألم يبايعني بعد قتل عثمان؟ لا حاجة لي في بيعته، إنها كف يهودية، ولو بايعني بيده لغدر بسيفه، أما إنّ له أمرة كلعقة الكلب أنفه، وهو أبو الأكبش الأربعة، وستلقى الأمة منه ومن ولده يوما أحمر.
١٨٨- نوف البكالي: خطب أمير المؤمنين عليه السلام بالكوفة، وهو قائم على حجارة نصبت له، وعليه مدرعة «١» من صوف، وحمائل سيفه ليف، وفي رجليه نعلان من ليف، وكأن جبينه ثفنة «٢» بعير، ثم قال: أين أخواني الذين ركبوا الطريق ومضوا على الحق؟ أين عمار؟ وأين ابن التيهان؟ وأين ذو الشهادتين «٣» ؟ وأين نظراؤهم من إخوانهم الذين تعاقدوا على المنية وأبرد برؤوسهم إلى الجنة؟ ثم ضرب بيده إلى لحيته فأطال البكاء، ثم قال: أوه على إخواني الذين تلوا القرآن فأحكموه، وتدبروا الفرض فأقاموه، أحيوا السنة، وأماتوا البدعة.
ثم نادى بأعلى صوته الجهاد عباد الله، ألا وأني معسكر في يومي