لم يعبه أن بزّ من بسط الدي ... باج واستلّ من ستور الدّمقس «١»
مشمخرا تعلو له شرفات ... رفعت في رؤوس رضوى وقدس «٢»
ليس يدري أصنع إنس لجن ... سكنوه أم صنع جن لإنس
غير أني أراه يشهد أن لم ... يك بانيه في الملوك بنكس «٣»
٨٨- الأوائل من الأمم لما علموا من جهة النجوم أن آفة سماوية تصيبهم وهي الطوفان بنوا في صعيد مصر أهراما بالحجارة، على رؤوس الجبال والمواضع المرتفعة، ليحترزوا بها، وجعلوا الهرمين أرفع منها كلها؛ وهما على فرسخين من الفسطاط، كل واحد أربعمائة ذراع طولا، في أربعمائة ذراع عرضا، والأساس زائد على جريب «٤» ، مبني بحجارة المرمر والرخام، غلظ كل حجر عشرة أذرع إلى ثمان، مهندم لا يستبين هندامه إلا لحادّ البصر، وحجارتها منقولة من مسافة أربعين فرسخا، من موضع يعرف بذات الحمام فوق الإسكندرية، ولا يزالان ينخرطان في الهواء صنوبريا حتى ترجع ذروتهما إلى مقدار خمسة أشبار في خمسة، وشكلهما التربيع، وليس على وجه الأرض بناء أرفع منهما، منقور فيهما بالمسند كل سحر وطب وطلسم، وفيه إني بنيتهما، فمن ادعى قوة في ملكه فليهدمهما، فإذا خراج الدنيا لا يفي بهدمهما، وكان يجمع يوسف عليه السّلام فيهما الطعام. وقالوا: لا يعرف من بناهما. قال المتنبي»