وأنت ترى أن هذا النص يجمع بين الإيمان العميق والرفض المطلق. وهو يعبر عن الحيرة والقلب اللذين سيطرا على المفكرين من اليهود في عصرنا هذا. ويظهر -والله أعلم- أن فكرة النبي أو المسيح المنتظر ليست مستعارة لا من الزرداشتية ولا من غيرها؛ بل إنما هي فكرة أصيلة في عقيدة بني إسرائيل؛ فقد بشرت الأنبياء جميعا -ومنهم أنبياء بني إسرائيل- بنبي يأتي في آخر الزمان من ذرية إسماعيل بشريعة عامة شاملة عادلة فيجاهد الكفار ويؤيده الله بنصره فيمتد دينه، وتسود شريعته وهو خاتم الأنبياء، بيد أن دينه وأمته لا ينقرضان إلى قيام الساعة؛ لكن أحبار اليهود حرفوا النصوص ولعبوا فيها على مقتضى أهوائهم التي تحتقر غيرهم -ولا سيما ذرية إسماعيل- ومن هنا بدأ اللبس واختلط السم بالدسم. وكان الله سبحانه قد بشر بني إسرائيل أيضا بالمسيح ابن مريم -عليه السلام- على ألسنة أنبيائه من لدن موسى إلى من بعد داود من الأنبياء -عليه السلام- وأكثر الأنبياء به تبشيرا داود -عليه السلام- فكانت اليهود تنتظره بشغف بالغ رجاء أن يحررهم من نير القهر والغلبة. ومما لا شك فيه أن الأنبياء ذكروا عودته الثانية إلى الأرض قبل قيام الساعة ومحاربته للمسيح الدجال وقتله إياه، وانتصاره على سائر الكفرة بجهاده =