للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وهؤلاء إنما نطقوا بهذه الهذيانات والكفريات من شدة الضجر من الذل والعبودية والصغار، وانتظار فرج لا يزداد منهم إلا بعدا. فأوقعهم ذلك في الطيش والضجر، وأخرجهم إلى نوع من الزندقة والهذيان الذي لا تستحسنه إلا عقولهم الركيكة. فتجرءوا على الله بهذه المناجاة القبيحة، كأنهم ينخون الله بذلك لينتخي لهم، ويحمى لنفسه. لأنهم إذا ناجوا ربهم بذلك، فكأنهم يخبرونه بأنه قد اختار الخمول لنفسه، وينخونه للنباهة واشتهار الصيت. فترى أحدهم إذا تلا هذه الكلمات في الصلاة يقشعر جلده، ولا يشك في أن كلماته تقع عند الله تعالى بموقع عظيم، وأنه يؤثر في ربه، ويحركه بذلك، ويهزه وينخيه. وهؤلاء على الحقيقة ينبغي أن يُرحم جهلهم وضعف عقولهم.

وأيضا، فإن عندهم في توراتهم: أن موسى صعد الجبل مع مشايخ أمته، فأبصروا الله جهرة، وتحت رجليه كرسي منظره كمنظر البلور. ذلك قوله: "وتراءى ألوهي يسرائيل رعلاي كراي كبناث هشيفير وخعيصم هشامايم لاطوهره"١.


١ جاء في سفر الخروج ٢٤/ ٩ - ١١: ثم صعد موسى وهارون وناداب وأبيهو وسبعون من شيوخ إسرائيل. ورأوا إله إسرائيل، وتحت رجليه شبه صنعة من العقيق الأزرق الشفاف، وكذات السماء في النقاوة. ولكنه لم يمد يده إلى أشراف بني إسرائيل. فرأوا الله، وأكلوا وشربوا.
وفي التوراة السامرية. ونظروا ولي إسرائيل، وتحت رجليه كصنعة =

<<  <   >  >>