وقد ورد في توراتهم نصوص كثيرة تذكر أن الله ظهر للإنسان فرآه وخاطبه: فزعموا في سفر التكوين ١٧/ ١ - ٢٢: أن إبراهيم -عليه السلام- رآه. وزعموا في ١٨/ ١ - ٨: أنه رآه وجادله. بل زعموا في ٣٢/ ٢٤ - ٣٠: أنه ظهر ليعقوب ليلا فتصارعا حتى الصباح، وأبى يعقوب أن يطلقه حتى يباركه، فباركه وسماه إسرائيل. وادعوا في ٣٥/ ٩ - ١٣: أنه رآه مرة آخرى، ثم صعد الله عنه. وزعموا في سفر الخروج ٣/ ٥ - ٦: أنه ظهر لموسى بينما كان يرعى الغنم في أقصى البرية عند جبل الله، فستر موسى وجهه؛ لأنه خاف أن ينظر إلى وجه الله. بل ادعوا أنه رآه هو وسبعون من شيوخ إسرائيل كما ذكر المؤلف رحمه الله. وقد ذكرت القصة في القرآن الكريم في سورة طه "٩ - ٤٨"، وفي سورة الأعراف "١٤٣ و١٤٧ - ١٥٧" وهي خالية من وقوع الرؤية، بل نفتها سورة الأعراف، حتى إن القرآن نفى إمكانية الرؤية في الحياة الدنيا، قال تعالى في سورة الأنعام "١٠٣": {لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}. وقد جاء في سفر الخروج ٣٣/ ١٨ - ٢٣ ما ينفي الرؤية أيضا: "فقال: أرني مجدك. فقال: أجيز كل جودتي قدامك .. وقال: لا تقدر أن تري وجهي؛ لأن الإنسان لا يراني ويعيش. وقال الرب: هو ذا عندي مكان، فتقف على الصخرة، ويكون متى اجتاز مجدي أني أضعك في نقرة من الصخرة، وأسترك بيدي حتى أجتاز، ثم أرفع يدي فتنظر ورائي. وأما وجهي فلا يُرى". ومن الجدير بالذكر أن التوراة السامرية في جميع تلك النصوص تذكر أن الرؤية إنما كانت لملائكة الله.