للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= أن يفنيهم عن آخرهم.
ولما اندلع التمرد الثاني لليهود عام ١٣٠ - ١٣٥م وقضى عليه الإمبراطور "أدريانوس"، أزال معالم المدينة والهيكل تماما، بل إنه حرث الأرض وزرعها، ولاحق اليهود بشدة للتخلص منهم نهائيا. ثم أقام مكان الهيكل هيكلا وثنيا باسم "جوبيتار" رب الآلهة عند الرومان. وبقي هذا الهيكل إلى أن دمره النصارى من أساسه في عهد الإمبراطور قسطنطين.
وهكذا ألحق الرومان الخراب والدمار بمدن اليهود وقراهم، بعد أن أبادوا معظمهم، ولم يبق منهم إلا عدد قليل هاموا على وجوههم في أنحاء الأرض. وظلوا على مر العصور مشردين مكروهين ممن حولهم لدى كل جيل وفي كل أرض. ولما ظهر نور الإسلام كادوا له، وحاولوا قتل نبيه وطمسه، لكنهم أخفقوا ورد الله كيدهم في نحرهم. ومع ذلك نعم كثير منهم بالأمن بعد ذلك في بلاد المسلمين، غير أن معظمهم كان مشتتا ممقوتا. اليهود لزكي ص٢٠٩ - ٢١١، الشرائع الدينية ليسري ص٦٦، اليهودية لأحمد شلبي ص٩٤.
وصفوة القول: إن اليهود قد نالهم الاضطاد بما كسبت أيديهم من قبل الكلدانيين والبابليين والفرس، فاليونان فالرومان فالنصارى. وما من أمة إلا وقصدهم أشد القصد. وأشد ذلك ما نالهم من ملوكهم العصاة والمرتدين. فأي توراة توراة تبقى مع هذا كله؟ وأي بديل لها مما كتبه عزرا وغيره يبقى صحيحا سالما؟
إنه مما لا ريب فيه أن التوراة التي بين أيدي أهل الكتاب اليوم ليست هي التوراة التي أنزلها الله سبحانه على موسى -عليه السلام- قطعا. وإنما هي من جمع وتلفيق عزرا وغيره إبان السبي وبعده على أحسن تقدير. ثم ألحق بها أسفار خلفها كتاب مجهولون، عالجوا النصوص على مزاجهم، وبحسب الظروف التي عاشوها، والضرورات =

<<  <   >  >>