للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الآية، ولا لهذه الآية أسوة بغيرها من آيات التوراة فقد بطل اعتراضهم١.


١ تضمن البابان السابع عشر والحادي والعشرون من سفر التكوين وعدا من الله سبحانه لإبراهيم -عليه السلام- في حق ولديه إسماعيل وإسحاق -عليهما السلام- بأن يباركهما. وتضمن البابان السادس عشر والحادي والعشرون من السفر نفسه وعدا لهاجر ببركة إسماعيل إيضا. وقد فسرت التوراة البركة بأنها تعني أمما وملوكا على الشعوب من نسل إسماعيل وإسحاق.
وقد تحقق الوعد لإسحاق فكثر نسله، واصطفى الله من ذريته موسى -عليه السلام- برسالاته وكلامه. وقام من بعده من بني إسرائيل بالدعوة أنبياء وعلماء وملوك. هذه بركة إسحاق. فما بركة إسماعيل؟
إن علماء المسلمين يقولون: إنها كبركة إسحاق، تعني أمما وملوكا ونبوة وتشريعا. وعلماء أهل الكتاب يقولون: إنه كبركة إسحاق غير أنها لا تعني سوى الأمم والملوك من ذريته. أما النبوة والتشريع فلا.
وهذا تعسف واضح؛ إذ كيف يكون هذا، ومفهوم البركة لهما واحد لم يرد عليه استثناء لأحدهما؟ إن الله لا يصطفي أمما وملوكا، ويتركهم بدون هدى منه. بل كيف يصطفي أمة من ذرية مبارك، ولا ينزل عليها كتابا ينظم حياتها وعبادتها؟! وكيف يستخلص ملوكا، ولا يعطيهم شريعة يسوسون بها شعوبهم؟!
وإذا ماشينا أهل الكتاب، فمتى تحققت هذه البشارات، وكانت الملوك والأمم في ذرية إسماعيل؟ إنه من المقطوع به أنه لم يأت من صلب إسماعيل من بورك وعظم وكان لشعب كبير غير محمد -صلى الله عليه وسلم- وأن أولاده من بعده لم يكونوا متصرفين في معظم الأمم، ولم يظهر فيهم الملك إلا بعد بعثة محمد -صلى الله عليه وسلم- حيث ظهرت أمته على سائر الأمم =

<<  <   >  >>