وَإِذا كَانَ مثله لَا يُنكر من غَيرهم من الْأَوْلِيَاء فِي ذويهم وَأَعْقَابهمْ وَقد قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن فِيكُم محدثين فهم أولى النَّاس بِهَذِهِ الرتب الشَّرِيفَة والكرامات الْمَوْهُوبَة
وَأما بعد صدر الْملَّة وَحين علق النَّاس على الْعُلُوم والإصطلاحات وترجمت كتب الْحُكَمَاء إِلَى اللِّسَان الْعَرَبِيّ فَأكْثر معتمدهم فِي ذَلِك كَلَام المنجمين فِي الْملك والدول وَسَائِر الْأُمُور الْعَامَّة من القرانات وَفِي المواليد والمسائل وَسَائِر الْأُمُور الْخَاصَّة من الطوالع لَهَا وَهِي شكل الْفلك عِنْد حدوثها وَقد يستندون فِي حدثان الدول على الْخُصُوص إِلَى كتاب الجفر ويزعمون أَن فِيهِ علم ذَلِك كُله من طَرِيق الْآثَار والنجوم لَا يزِيدُونَ على ذَلِك وَلَا يعْرفُونَ اصل ذَلِك وَلَا مُسْتَنده
فَاعْلَم أَن كتاب الجفر كَانَ أَصله أَن هَارُون بن سعيد الْعجلِيّ وَهُوَ راس الزيدية كَانَ لَهُ كتاب يرويهِ عَن جَعْفَر الصَّادِق وَفِيه علم مَا سيقع لأهل الْبَيْت على الْعُمُوم ولبعض الْأَشْخَاص مِنْهُم على الْخُصُوص وَقع ذَلِك لجَعْفَر ونظائره من رجالاتهم على طَرِيق الْكَرَامَة والكشف الَّذِي يَقع لمثلهم من الْأَوْلِيَاء وَكَانَ مَكْتُوبًا عِنْد جَعْفَر فِي جلد ثَوْر صَغِير فَرَوَاهُ عَنهُ هارة ن الْعجلِيّ وَكتبه وَسَماهُ التحفر باسم الْجلد الَّذِي كتب مِنْهُ لِأَن الجفر فِي اللُّغَة هُوَ الصَّغِير وَصَارَ هَذَا الإسم علما على هَذَا الْكتاب عِنْدهم وَكَانَ فِيهِ تَفْسِير الْقُرْآن فِي وَمَا بَطْنه من غرائب الْمعَانِي مروية عَن جَعْفَر الصَّادِق
وَهَذَا الْكتاب لم تتصل رِوَايَته وَلَا عرف عينه وَإِنَّمَا يظْهر مِنْهُ شواذ من الْكَلِمَات لَا يصحبها دَلِيل وَلَو صَحَّ السَّنَد إِلَى جَعْفَر الصَّادِق لَكَانَ فِيهِ نعم الْمُسْتَند من نَفسه أَو من رجال قومه فهم أهل الكرمات
وَقد صَحَّ عَنهُ انه كَانَ يحذر بعض قرَابَته بوقائع تكون لَهُم فَتُصْبِح كَمَا يَقُول
وَقد حذر يحيى ابْن عَمه زيد من مصر وَعَصَاهُ فَخرج وَقتل بالجوزان كَمَا هُوَ مَعْرُوف وَإِذا كَانَت الْكَرَامَة تقع لغَيرهم فَمَا ظَنك بهم علما