للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي مسنده أيضًا، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يوم الجمعة يوم عيد، فلا تجعلوا يوم عيدكم يوم صيامكم، إلا أن تصوموا قبله أو بعده".

وذكر ابن أبي شيبة، عن سفيان بن عيينة، عن عمران بن ظبيان، عن حكيم بن سعيد، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: من كان منكم متطوعا من الشهر أياما، فليكن في صومه يوم الخميس، ولا يصم يوم الجمعة، فإنه يوم طعام وشراب وذكر فيجمع الله له يومين صالحين يوم صيامه، ويوم نسكه مع المسلمين.

وذكر ابن جرير عن مغيرة، عن إبراهيم أنهم كرهوا صوم الجمعة ليقووا على الصلاة قلنا: المأخذ في كراهيته ثلاثة أمور هذا أحدها، ولكن يشكل عليه زوال الكراهة بضم يوم قبله، أو بعده إليه.

والثاني أنه يوم عيد، وهو الذي أشار إليه صلى الله عليه وسلم.

وقد أورد على هذا التعليل إشكالان:

أحدهما أن صومه ليس بحرام، وصوم يوم العيد حرام.

والثاني أن الكراهة تزول بعدم إفراده، وأجيب عن الإشكالين بأنه ليس عيد العام،

بل عيد الأسبوع، والتحريم إنما هو لصوم عيد العام، وأما إذا صام يوما قبله أو يوما بعد، فلا يكون قد صامه لأجل كونه جمعة وعيدا، فتزول المفسدة الناشئة من تخصيصه، بل يكون داخلًا في صيامه تبعًا.

وعلى هذا يحمل ما رواه الإمام أحمد رحمه الله في مسنده والنسائي، والترمذي من حديث عبد الله بن مسعود إن صح قال: قل ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر يوم جمعة.

فإن صح هذا تعين حمله على أنه كان يدخل في صيامه تبعا لا أنه كان يفرده لصحة النهي عنه.

وأين أحاديث النهي الثابتة في الصحيحين من حديث الجواز الذي لم يروه أحد من أهل الصحيح، وقد حكم الترمذي بغرابته، فكيف يعارض به الأحاديث الصحيحة الصريحة، ثم يقدم عليها.

والمأخذ الثالث سد الذريعة من أن يلحق بالدين ما ليس فيه، ويوجب التشبه

<<  <   >  >>