للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بأهل الكتاب في تخصيص بعض الأيام بالتجرد عن الأعمال الدنيوية، وينضم إلى هذا المعنى أن هذا اليوم لما كان ظاهر الفضل على الأيام كان الداعي إلى صومه قويا، فهو يأتي في مظنة تتابع الناس في صومه، واحتفالهم به ما لا يحتفلون بصوم يوم غيره، وفي ذلك إلحاق بالشرع ما ليس منه.

ولهذا المعنى، والله أعلم نهي عن تخصيص ليلة الجمعة بالقيام من بين الليالي؛ لأنها من أفضل الليالي حتى فضلها بعضهم على ليلة القدر.

وحكيت رواية، عن أحمد فهي في مظنة تخصيصها بالعبادة، فحسم الشارع الذريعة، وسدها بالنهي عن تخصيصها بالقيام، والله أعلم.

فإن قيل: ما تقولون في تخصيص يوم غيره بالصيام قيل: أما تخصيص ما خصصه الشارع كيوم الاثنين، ويوم عرفة ويوم عاشوراء فسنه، وأما تخصيص غيره كيوم السبت والثلاثاء والأحد، والأربعاء، فمكروه وما كان منها أقرب إلى التشبه بالكفار لتخصيص أيام أعيادهم بالتعظيم، والصيام، فأشد كراهة، وأقرب إلى التحريم.

الخاصة الثالثة والثلاثون: أنه يوم اجتماع الناس، وتذكيرهم بالمبدأ والمعاد، وقد شرع الله سبحانه وتعالى لكل أمة في الأسبوع يوما يتفرغون فيه للعباد، ويجتمعون فيه لتذكير المبدأ والمعاد والثواب، والعقاب، ويتذكرون به اجتماعهم يوم الجمع الأكبر قياما بين يدي رب العالمين، وكان أحق الأيام بهذا الفرض المطلو اليوم الذي يجمع الله فيه الخلائق، وذلك يوم الجمعة فادخره الله لهذه الأمة لفضلها، وشرفا، فشرع اجتماعهم في هذا اليوم لطاعته، وقدر اجتماعهم فيه مع الأمم لنيل وقت الخطبة والصلاة تكون أهل الجنة في منازلهم، وأهل النار في منازلهم كما ثبت عن ابن مسعود من غير وجه أنه قال: لا ينتصف النهار يوم القيامة حتى ينقل أهل الجنة في منازلهم، وأهل النار في منازلهم، وقرأ ثم إن مقيلهم لإلى الجحيم، وكذلك هي في قراءته، ولهذا كون الأيام سبعة إنما تعرفه الأمم التي لها كتاب، فأما أمة لا كتاب لها، فلا تعرف ذلك إلا من تلقاه منهم عن أمم الأنبياء، فإنه

<<  <   >  >>