للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

[مقدمة التحقيق]

الحمد لله حقَّ حمده، حمدًا طيبًا مباركًا فيه، مباركًا عليه، كما يحب ربُنا ويرضى.

والصلاة والسلام على النبي الهادي المبعوث رحمة للعالمين، أنزل الله عليه القرآن الكريم ليكون دستورًا للناس، وجعل سنته -صلى الله عليه وسلم- مصدرًا ثانيًا للتشريع، فقد أخرج الإمام أحمد بسنده إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال: "ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه … " وكرَّرها مرتين" (١).

وانبرى رواة الحديث وحفطه في تدوين الحديث النبوي الشريف، وتمييز صحيحه من ضعيفه، ونفي الموضوع عنه، فمع منتصف القرن الثانى الهجري، أو قبله بقليل -كما أرَّخه الحافظ الذهبي (٢) - شرع العلماء الكبار في تدوين السنن، وتأليف الفروع، وتصنيف العربية، ثم كثُر ذلك في أيام الخليفة هارون الرشيد (١٧٠ - ١٩٣ هـ).

وقبل انتهاء الربع الأول من القرن الثالث الهجري، يُخرج لنا إمام السنة، الإمام محمد بن إسماعيل البخاري (ت ٢٥٦ هـ) (تاريخه الكبير)، أوَّل مصنَّفاته، والذي يعُد اللبنة الأولى لعلم التراجم؛ وخاصة تراجم رواة الحديث.

وفي بداية القرن الرابع الهجري، اكتمل نسق التأليف في علم التاريخ على النظام الحولي، ظهر ذلك ممثَّلًا في كتاب (تاريخ الرسل والملوك)، المعررف بـ (تاريخ الطبري) لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري (ت ٣١٠ هـ)، والذي انتهى منه مؤلِّفه بأحداث سنة ٣٠٢ هـ.

ثم صار التأليف في كلا العلمين -مع ما بينهما من أواصر وتلاحم- منفصلًا أحيانًا، ومتصلًا أحيانًا أخرى، إذ غلب على مصنَّفات التاريخ العامة احتواؤها على وفيات مَن درجوا ضمن سنوات تأريخها.

ويُعدُّ علم التراجم أوسع العلوم تأليفًا في التراث العربي الإسلامي، إذ تعددت الأشكال


(١) مسند الإمام أحمد ٢٨: ٤١٠، جزء من حديث رقم ١٧١٧٤.
(٢) تذكرة الحفاظ ١: ١٦٠.

 >  >>