وقد كره العلماء كمالك وغيره أن يقوم الرجل عند قبر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يدعو لنفسه، وذكروا أن هذا من البدع التي لم يفعلها السلف، وأما ما يروى عن بعضهم أنه قال: قبر معروف الترياق المجرب، وقول بعضهم فلان يدعى عند قبره، وقول بعض الشيوخ إن كان لك حاجة فاستغث به، أو قال استغث عند قبري ونحو ذلك، فإن هذا قد وقع فيه كثير من المتأخرين وأتباعهم، ولكن هذه الأمور كلها بدع محدثة في الإسلام بعد القرون المفضلة، وكذلك المساجد المبنية على القبور التي تسمى المشاهد محدثة في الإسلام، والسفر إليها محدث في الإسلام لم يكن شيء من ذلك في القرون الثلاثة المفضلة، بل ثبت في الصحيح عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم - أنه قال:«لعن اللَّه اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد يحذر ما فعلوا» ، قالت عائشة -رضي اللَّه عنها-: ولولا ذلك لأبرز قبره؛ ولكن كره أن يتخذ مسجدًا، وثبت في الصحيح عنه أنه قال قبل أن يموت بخمس:«إن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك» ، وقد علم أن عمر لما أجدبوا استسقى بالعباس وقال: اللهم إنا كنا إذا أجدبنا نتوسل إليك بنبيك فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبيك فاسقنا فيسقون فلم يذهبوا