للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وذلك ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنه جمع أصحابه رضي الله عنهم وشاورهم في الأمر للأذان فقال بعضهم يضرب بالناقوس فقال صلى الله عليه وسلم: "هو للنصارى" وقال بعضهم: يضرب بالدف فقال صلى الله عليه وسلم: "هو لليهود" وقال بعضهم: ينفخ بالشبور وهو البوق وهو شيء ينفخ فيه ليس بعربي محض، وقال بعضهم: توقد النار فقال: "هو للمجوس" فلم تتفق آراؤهم على شيء ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم مهتما مغتما فلما أصبح جاء عبد الله بن زيد فقال يا رسول الله:

كنت بين النائم واليقظان فرأيت شخصا نزل من السماء وعليه ثوبان أخضران وقام على جذم حائط من الحرم واستقبل القبلة وقال: الله أكبر الله أكبر فحكى الأذان المعروف.

ثم قعد هنيهة ثم قام فقال مثل ذلك إلا أنه زاد فيه قد قامت الصلاة مرتين.

فقال صلى الله عليه وسلم: "علمه بلالا فإنه أندى صوتا". وقال عمر رضي الله عنه وأنا أيضاً رأيت مثل ما رأى هو إلا أنه سبقني فكرهت أن أقطع عليه قوله.

وقيل: أمر الأذان أجل من أن يثبت بالرؤيا وإنما ثبت بما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لما أسري بي إلى بيت المقدس فأذن جبريل صلى الله عليه وسلم وأقام وتقدم صلى الله عليه وسلم وصلى خلفه الملائكة وأرواح الأنبياء عليهم السلام":. كذا في الاختيار.

وقيل: نزل به جبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وسلم. وقيل: أذن جبريل عليه السلام في السماء فسمعه عمر بن الخطاب في الأرض.

قال صاحب النهاية: يجوز أن يكون كلها واقعا لعدم المنافاة.

وفي شرح السنة: الأذان إعلام بحضور الوقت. والإقامة: أذان بفعل الصلاة فيه.

وقال الخطابي١: أراد بالأذانين الأذان والإقامة، حمل أحد الاسمين على الآخر كقولهم: الأسودين للتمر والماء وإنما الأسود أحدهما، وكقولهم: سيرة العمرين يريدون أبا بكر وعمر - رضي الله تعالى عنهما ويحتمل أن يكون الاسم لكل واحد منهما حقيقة


١ حمد بن محمد بن إبراهيم بن خطاب الإمام أبو سليمان الخطابي البستي. كان إماماً في الحديث والفقه واللغة، توفي سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة. انظر طبقات الشافعية للسبكي ٣/٢٨٢ ووفيات الأعيان ١/٢٠٨ وشذرات الذهب ٣/١٢٧ وما بعدها.

<<  <   >  >>