قوله:"فعن عائشة أن أسماء بنت يزيد سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن غسل المحيض قال: "تأخذ إحداكن ماءها وسدرتها فتطهر ... ثم تأخذ فرصة ممسكة فتطهر بها". قالت أسماء: وكيف تطهر بها؟ قال: "سبحان الله تطهري بها" ... وسألته عن غسل الجنابة فقال: "تأخذين ماءك" ... فقالت عائشة: نعم النساء نساء الأنصار لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين. رواه الجماعة إلا الترمذي".
قلت: فيه وهمان:
الأول: أن جماعة المذكورين لم يرووا الحديث بتمامه وإنما رواه كذلك من بينهم مسلم وأبو داود وابن ماجه وأحمد ٦ / ١٤٧ - ١٤٨ والسياق له. وأما بقية الجماعة وهم البخاري والنسائي فإنما أخرجا القسم الأول منه دون السؤال عن غسل الجنابة وهذا القدر هو الذي عزاه في "المنتقى" ١ / ٢١٧ - ٢١٨ بشرح الشوكاني لرواية الجماعة إلا الترمذي. وروى البخاري معلقا قول عائشة في آخره:"نعم النساء ... " فقال الحافظ في "شرحه" ١ / ٨٤ ا:
"هذا التعليق وصله مسلم ... عن عائشة في حديث أوله: أن أسماء بنت يزيد الأنصاري سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن غسل المحيض ... ".
فهذا مما يدلك على وهم نسبته الحديث برمته إلى البخاري. وقد وقع في هذا الوهم الشيخ محمود السبكي أيضا في "الدين الخالص" ١ / ٣١٣ والظاهر أنهما قلدا غيرهما فيه.