قوله في استحباب التخفيف فيه:"قال ابن القيم: لم ينقل أنه صلى الله عليه وسلم صلى عليه وعلى آله في التشهد الأول ... ومن استحب ذلك فإنما فهمه من عمومات وإطلاقات قد صح تبيين موضعها وتقييدها بالتشهد الأخير".
قلت: لا دليل تقوم به الحجة يصلح لتقييد العمومات والمطلقات المشار إليها بالتشهد الأول فهي على عمومها وأقوى ما استدل به المخالفون حديث ابن مسعود المذكور في الكتاب وهو غير صحيح الإسناد لانقطاعه كما ذكره المؤلف وقد استوفى ابن القيم رحمه الله أدلة الفريقين وبين ما لها وما عليها في "جلاء الأفهام في الصلاة على خير الأنام" فراجعه يظهر لك صواب ما رجحناه.
ثم وقفت على ما ينفي مطلق قول ابن القيم:"لم ينقل أنه صلى الله عليه وسلم صلى عليه وعلى آله في التشهد الأول" وهو قول عائشة رضي الله عنها في صفة صلاته صلى الله عليه وسلم في الليل:
"كنا نعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم سواكه وطهوره فيبعثه الله فيما شاء أن يبعثه من الليل فيتسوك ويتوضأ ثم يصلي تسع ركعات لا يجلس فيهن إلا عند الثامنة فيدعو ربه ويصلي على نبيه ثم ينهض ولا يسلم ثم يصلي التاسعة فيقعد ثم يحمد ربه ويصلي على نبيه صلى الله عليه وسلم ويدعو ثم يسلم تسليما يسمعنا
الحديث.
أخرجه أبو عوانة في "صحيحه" ٢ / ٣٢٤ وهو في "صحيح مسلم" ٢ / ١٧٠ لكنه لم يسق لفظه.
ففيه دلالة صريحة على أنه صلى الله عليه وسلم صلى على ذاته صلى الله عليه وسلم في التشهد الأول كما صلى في التشهد الآخر وهذه فائدة عزيزة فاستفدها وعض عليها بالنواجذ ولا يقال: إن هذا في صلاة الليل لأننا نقول: الأصل أن ما شرع في صلاة شرع في غيرها دون تفريق بين فريضة أو نافلة فمن ادعى الفرق فعليه الدليل.