الشرع جوازه إذا اقترنت به النية الصالحة وأما أنه يدل على صلاح ما لم يثبت جوازه بدليل خاص لمجرد اقترانه بالنية الصالحة فلا دليل فيه البتة وهذا بين لا يخفى.
وقد عكس ابن حزم فاستدل بالحديث على ما ذهبنا إليه فقال بعد أن ذكر أن من أجنب يوم الجمعة فلا يجزيه إلا غسلان غسل ينوي به الجنابة وغسل آخر ينوي به الجمعة ... الخ. قال ٢ / ٤٣:
"برهان ذلك قول الله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى" فصح يقينا أنه مأمور بكل غسل من هذه الأغسال فإذ قد صح ذلك فمن الباطل أن يجزئ عمل عن عملين أو أكثر وصح يقينا أنه إن نوى أحد ما عليه من ذلك فإنما له بشهادة رسول الله صلى الله عليه وسلم الصادقة الذي نواه فقط وليس له ما لم ينوه فإن نوى بعمله ذلك غسلين فصاعدا فقد خالف ما أمر به لأنه مأمور بغسل تام لكل وجه من الوجوه التي ذكرنا فلم يفعل ذلك والغسل لا ينقسم فبطل عمله كله لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد".
ثم ذكر أنه ذهب إلى ما اختاره من عدم الإجزاء جماعة من السلف منهم جابر بن زيد والحسن وقتادة وإبراهيم النخعي والحكم وطاوس وعطاء وعمرو بن شعيب والزهري وميمون بن مهران قال:
"وهو قول داود وأصحابنا".
وقد ساق الآثار بذلك عنهم فراجعها ويحسن أن يلحق بهم أبو قتادة الأنصاري رضي الله عنه فقد روى الحاكم ١ / ٢٨٢ من طريق يحمص بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة قال: