"فمقتضى النهي عن البروك كبروك البعير أن يضع المصلي ركبتيه قبل يديه"!
وسبب هذا كله أنه خفي عليه ما ذكره علماء اللغة كالفيروز آبادي وغيره: "أن ركبتي البعير في يديه الأماميتين".
ولذلك قال الطحاوي في "شرح معاني الآثار" ١ / ١٥٠:
"إن البعير ركبتاه في يديه وكذلك في سائر البهائم وبنو آدم ليسوا كذلك فقال: لا يبرك على ركبتيه اللتين في رجليه كما يبرك البعير على ركبتيه اللتين في يديه ولكن يبدأ فيضع أولا يديه اللتين ليس فيهما ركبتاه ثم يضع ركبتيه فيكون ما يفعل في ذلك بخلاف ما يفعل البعير".
وبهذا ظهر معنى الحديث ظهورا لا غموض فيه. والحمد لله على توفيقه.
ثم إن ظاهر الأمر بهذه السنة يفيد وجوبها وقد قال به ابن حزم في "المحلى" ٤ / ١٢٨ وما نقله المؤلف عنه من الاستحباب خطأ واضح.
ولازم القول بالوجوب أن العكس لا يجوز ففيه رد للاتفاق الذي نقله شيخ الإسلام في "الفتاوى" ١ / ٨٨ على جواز الأمرين!
قلت: وهنا سنة مهجورة ينبغي التنبيه عليها للاهتمام بفعلها وهي ما جاء في حديث أبي حميد الساعدي في عشرة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ... يهوي إلى الأرض مجافيا يديه عن جنبيه ثم يسجد. وقالوا جميعا: صدقت هكذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي.
رواه ابن خزيمة في "صحيحه" ١ / ٣١٧ - ٣١٨ بسند صحيح وغيره.
إذا عرفت هذا وتأملت معي معنى الهوي الذي هو السقوط مع مجافاة