أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة نفطويه بقرطبة قال دخلت على محمد بن داود الأصبهاني في مرضه الذي مات فيه فقلت له كيف تجدك قال حب من تعلم أورثني ما ترى فقلت له ما منعك عن الاستمتاع به مع القدرة عليه قال الاستمتاع على وجهين أحدهما النظر المباح والثاني اللذة المحظورة فأما النظر المباح فأورثني ما ترى وذكر القصة وستأتي في باب عفاف العشاق والمقصود أنه لم ير النظر إلى معشوقه ولا عشقه حراما وجرى على هذا المذهب أبو محمد بن حزم في كتاب طوق الحمامة له قالوا ونحن نحاكمكم إلى واحد يعد بآلاف مؤلفة وهو شيخ الإسلام ابن تيمية فإنه سئل
ما تقول السادة الفقهاء رضي الله عنهم في رجل عاشق في صورة وهي مصرة على هجره منذ زمن طويل لا تزيده إلا بعدا ولا يزداد لها إلا حبا وعشقه لهذه الصورة من غير فسق ولا خنى ولا هو ممن يدنس عشقه بزنى وقد أفضى به الحال إلى الهلاك لا محالة إن بقي مع محبوبه على هذه الحالة فهل يحل لمن هذه حاله أن يهجر وهل يجب وصاله علىالمحبوب المذكور وهل يأثم ببقائه على هجره وما يجب من تفاصيل أمرهما وما لكل واحد منهما على الآخر من الحقوق مما يوافق الشرع الشريف
فأجاب بخطه بجواب طويل قال في أثنائه فالعاشق له ثلاث مقامات ابتداء وتوسط ونهاية أما ابتداؤه فواجب عليه فيه كتمان ذلك وعدم إفشائه للخلق مراعيا في ذلك شرائط الفتوة من العفة مع القدرة فإن زاد به الحال إلى المقام الأوسط فلا بأس بإعلام محبوبه بمحبته إياه فيخف بإعلامه وشكواه إليه ما يجد منه ويحذر من اطلاع الناس على ذلك فإن زاد به الأمر حتى خرج عن الحدود والضوابط التحق بالمجانين والموسوسين فانقسم العشاق