أوليائه أنهم إذا ساكنوا غيرا أو لاحظوا شيئا أو صالحوا بقلوبهم شيئا يشوش عليهم ذلك فيغار على قلوبهم بأن يعيدها خالصة لنفسه فارغة كآدم عليه السلام لما وطن نفسه على الخلود في الجنة أخرجه من الجنة وإبراهيم الخليل عليه السلام لما أعجبه إسماعيل أمره بذبحه حتى أخرجه من قلبه فلما أسلما وتله للجبين وصفى سره منه أمره بالفداء عنه وقال بعضهم احذروه فإنه غيور لا يحب أن يرى في قلب عبده سواه وقيل الحق تعالى غيور ومن غيرته أنه لم يجعل إليه طريقا سواه
وقال السري لرجل عارف بي علة باطنة فما دواؤها قال يا سري الله غيور لا يراك تساكن غيره فتسقط من عينه فهذه غيرة صحيحة
فصل وها هنا أقسام آخر من الغيرة مذمومة منها غيرة يحمل عليها سوء الظن فيؤذى بها المحب محبوبه ويغري عليه قلبه بالغضب وهذه الغيرة يكرهها الله إذا كانت في غير ريبة ومنها غيرة تحمله على عقوبة المحبوب بأكثر مما يستحقه كما ذكر عن جماعة أنهم قتلوا محبوبهم وكان ديك الجن الشاعر له غلام وجارية في غاية الجمال وكان يهواهما جميعا فدخل المنزل يوما فوجد الجارية معانقة للغلام تقبله فشد عليهما فقتلهما ثم جلس عند رأس الجارية فبكاها طويلا ثم قال
يا طلعة طلع الحمام عليها ... وجنى لها ثمر الردى بيديها
رويت من دمها الثرى ولطالما ... روى الهوى شفتي من شفتيها