قال فبهت وقلت لا أدري ما أحتال في أمر هذا الرجل وقلت للخادم لا يأتيك أحد بكتاب إلا قبضت عليه حتى تدخله علي ثم لم أعرف له خبرا بعد ذلك فبينا أنا أطوف بالكعبة إذا فتى قد أقبل نحوي وجعل يطوف إلى جنبي ويلاحظني وقد صار مثل العود فلما قضيت طوافي خرجت وأتبعني فقال يا هذا أتعرفني قلت لا أنكرك لسوء قال أنا صاحب الكتابين فما تمالكت أن قبلت رأسه وبين عينيه وقلت بأبي أنت وأمي والله لقد شغلت قلبي وأطلت غمي بشدة كتمانك لأمرك فهل لك فيما سألت وطلبت قال بارك الله لك وأقر عينيك إنما أتيتك أستحلك من نظرة كنت نظرتها على غير حكم الكتاب والسنة والهوى داع إلى كل بلاء وأستغفر الله العظيم فقلت يا حبيبي أحب أن تصير معي إلى منزلي فآنس بك وتجري الحرمة بيني وبينك قال ليس إلى ذلك سبيل فقلت غفر الله لك ذنبك وقد وهبتها لك ومعها مائة دينار ولك في كل سنة كذا وكذا قال بارك الله لك فيها فلولا عهود عاهدت الله عليها وأشياء أكدتها علي لم يكن في الدنيا شيء أحب غلي من هذا الذي تعرضه علي ولكن ليس إلى ذلك سبيل والدنيا منقطعة فقلت له فإذا أبيت أن تقبل مني ذلك فأخبرني من هي حتى أكرمها لأجلك ما بقيت فقال ما كنت لأذكرها لأحد ثم قام وتركني
وذكر عبد الملك بن قريب قال هوي رجل من النساء جارية فاشتد حبه لها فبعث إليها يخطبها فامتنعت وأجابته إلى غير ذلك فأبى وقال لا إلا ما أحل الله ثم إن محبته ألقيت في قلبها فبذلت له ما سأل فقال لا والله لا حاجة لي بمن دعوتها إلى طاعة الله ودعتني إلى معصيته وحكى المبرد عن شيخه أبي عثمان المازني أنه قصده بعض أهل الذمة ليقرأ