عليه كتاب سيبويه وبذل له مائة دينار فامتنع ورده فقلت له أترد هذا القدر مع شدة فاقتك فقال إن هذا الكتاب يشتمل على ثلاثمائة وكذا وكذا آية من كتاب الله ولست أرى تمكين هذا الذمي منها غيرة على القرآن فاتفق أن غنت جارية بحضرة الوائق يقول العرجي
أظلوم إن مصابكم رجلا ... أهدى السلام تحية ظلم
فاختلف أهل مجلسه في إعراب رجل فمنهم من قال هو نصب وجعله اسم إن ومنهم من رفعه على أنه خبرها والجارية أصرت على النصب وقالت لقنني إياه كذلك شيخي أبو عثمان المازني فأمر الواثق بإحضاره إلى بين يديه قال فلما مثلت بين يديه قال ممن الرجل قلت من بني مازن قال أي الموازن أمازن تميم أم مازن قيس أم مازن ربيعة قلت من مازن ربيعة فكلمني بكلام قومي فقال لي با اسمك وقومي يقلبون الميم باء والباء ميما فكرهت أن أواجهه بلفظة مكر فقلت بكر يا أمير المؤمنين ففطن لما قصدته وأعجب به فقال ما تقول في قول الشاعر
أظلوم إن مصابكم رجلا ... أهدى السلام تحية ظلم
أترفع رجلا أم تنصبه فقلت الوجه النصب يا أمير المؤمنين فقال ولم ذلك فقلت لأن مصابكم مصدر بمعنى إصابتكم فأخذ البزيدي في معارضتي فقلت هو بمنزلة قولك إن ضربك زيدا ظلم فرجلا مفعول مصابكم ومنصوب به والدليل عليه أن الكلام معلق إلى أن تقول ظلم فيتم فاستحسنه الواثق وقال هل لك من ولد قلت نعم يا أمير المؤمنين بنية قال فما قالت لك عند مسيرك إلينا قلت أنشدت قول الأعشى