والعمر قصير. وهذه العلوم آلاتٌ يراد بها غيرها، وكل شيء يُطْلَبُ لغيره فلا ينبغي أن يُنْسى فيه المطلوب"""١".
وينبغي التنبه هنا إلى أن كلام الإمام المقدسي السابق فيما يتعلق بالنُصْحِ بعدم الاشتغال بما يصلح الآخرين، قبل إصلاح النفس، كلامٌ فيه نظرٌ، وذلك أن الإنسان لا يمكن أن يَفْرُغ من إصلاح نفسِه مادامت أنفاسه تتردد، ولو أُخِذَ بهذا الكلام على إطلاقه لبطلت الدعوة والأمر بالخير، والسعي في إصلاح الآخرين. وهذا الظاهر ليس هو مراده-رحمه الله-وإنما أراد التأكيد على إصلاح النفس، والبعد بها عن حال المنافقين الذين يقولون ما لا يفعلون.
ولكن نقول: اعملْ على إصلاح نفسكَ، وإصلاح غيركَ في خطّين متوازيين مع التركيز على نفسك، أكثر.
علماً بأن الاشتغال بإصلاح الآخرين فيه إصلاح للنفس.
(١) مختصر منهاج القاصدين، ص٢٢، أحمد بن محمد المقدسيّ، وهذا، واللهِ، كلامٌ منهجيٌّ نفيس.