للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله صلى الله عليه وسلم: "ألا إن سلعة الله غالية ألا إن سلعة الله الجنة".

وجَمْع النصوص في هذا المقام هو الذي يصحح الفهم، ومن ثمَّ يستقيم العمل. وقد أعجبتني مقولة أحدهم: لا تَقُلْ عن أمرٍ ما: أنه صعب، ولكن قلْ: يحتاج لجهد كبير.

وهذا التقرير فيه ردٌّ على مسلكٍ مخطئ يرتكبه البعض، وهو الكلام في بعض المسائل الشرعية، كالإخلاص، وطلب العلم، ونحوهما، مع تضمين الكلام القول بأنه صعب المنال، ولا يكاد يصفو لأحد، وقليل من الناس مَن يدركه، إلى آخر ما يقال، والأولى -والله أعلم- تيسير المطالب الشرعية للناس، مع دلالتهم على الطريق لتحصيلها؛ ليرغبوا فيها ويسْعوا إليها بعد ذلك كل بحسبه، "وكلٌّ ميسّرٌ لِمَا خُلِق له".

ومما يدل على خطأ هذا المسلك مع ما سبق: الواقع المشاهد، حيث أنه لو ذهبت لتقنع شخصاً بأمر ما، وتبين له أهميته، ووسائل تحصيله، ثم قلت له بعد ذلك، لكن هذا الأمر صعب إدراكه عزيز مناله، لَمَا أقبلت نفسه عليه رغم أهميته. والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "يَسِّرُوا وَلا تُعَسِّرُوا، وَبَشِّرُوا وَلا تُنَفِّرُوا" "١"، وقد يكون الدافع مِن وراء هذا المسلك في طريقة العرض لقضايا الدين، كالإخلاص والتفقه في الدين، مثلاً، إنما هو الرغبة في تحريص الناس على الأخذ بهذا الأمر، وبيان نفاسته؛ ليَجِدُّوا في تحصيله، لكنَّ صحة هذه الغاية لا تستلزم صحة الوسيلة التي مارسها البعض للترغيب في تحصيلها.


(١) البخاري، ٦٩، العلم، وغيره.

<<  <   >  >>