للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عزيز، إذ الغالب في أعمالنا -والعياذ بالله- إما عدم الإخلاص، وإما أن يكون الإخلاص ناقصاً مشوباً بشيءٍ ما من حظوظ النفس العاجلة، التي لا تخلو أن تكون في الغالب إما على حساب مرضاة الله تعالى، وإما على حساب حظوظ النفس في الآجلة.

وهذا كله يقتضي أن يجتهد المرء في أن تكون بضاعته -في هذه الحياة، ويوم القدوم على مولاه في الدار الآخرة-الإخلاصَ والفقهَ في الدين، بحيث لا يَنْفَكّ أحدهما عن الآخر؛ فإن هذا هو العمل الباقي النفيس، الذي يستحق المنافسة.

وأمّا ما عداه، فلا شيء، ولا يقبله الله تعالى؛ لأن العمل إذا لم يكن خالصاً لم يُقْبَل، ولو وافق الشرع ظاهراً، وإن كان خالصاً، ولم يكن صواباً، لم يُقْبَل؛ {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ ... } "١".

وقد قال سهل بن عبد الله: "ليس على النفس شيء أشق من الإخلاص؛ لأنه ليس لها فيه نصيب" "٢".

وقال يوسف بن الحسين الرازيّ: "أعزّ شيء في الدنيا الإخلاص، وكم أَجتهد في إسقاط الرياء عن قلبي، وكأنه ينبت فيه على لونٍ آخر" "٣".

على أنه ليس المراد بالكلام السابق- عن الإخلاص وقِلّته في أعمال الناس-استحالة تحصيله؛ وإنما يُحمَلُ ما قاله السلف عن صعوبةِ تحصيل


(١) ٢٦: يونس: ١٠.
(٢) "جامع العلوم والحكم ... "، لابن رجب، ١/٤٢.
(٣) "جامع العلوم والحكم ... "، لابن رجب، ١/٤٢.

<<  <   >  >>