لذلك فإن الصائم حين يفطر في مسجد من المساجد، يكون أقرب إلي الإكثار من الدعاء، وشغل نفسه به، وحين يفطر مع أهله وأولاده يذكرهم ويحثهم على اغتنام وقت الإفطار، بالانطراح بين يدي الخالق، وإظهار الخضوع له، وسؤاله من خيري الدنيا والآخرة، أما الإفطار الجماعي الذي يحصل من البعض، فإنه في الغالب يفوِّت على أولئك هذه الفرص الذهبيَّة التي هي أرجى لإجابة الدعاء.
وليحرص المسلم الذي يأمل إجابة خالقه لدعائه، أن يكون مأكله ومشربه حلالا، فلا يتناول شيئا اكتسبه بطريق غير مشروع، وليكن غذاؤه حلالا خالصا لا شبهة فيه، فإن النبي صلى الله عليه وسلم بيّن:"أن الرجل يمد يده إلى ربه، يا رب، يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنَّى يستجاب لذلك" رواه مسلم، وقال أيضا:"إن العبد ليقذف باللقمة الحرام في جوفه، ما يتقبَل منه عمل أربعين يوما" رواه الطبراني.
فالمال الحرام، والمكاسب المشبوهة، من أعظم الموانع التي تحول دون قبول الدعاء، لذلك فإن المسلم ينبغي أن ينتقيَ غذاءه، ليكون كله حلالا لا مدخل للحرام فيه، ولا يجمع شيئا من كسبه من طرق ملتوية محرمة، فإن المال المشبوه والمحرم مهما كثر، ومهما أنفق المرء منه أو تصدق، فلن يقبل منه شيء، فالنفقة الحلال وإن كانت يسيرة يبارك الله تعالى فيها، لأنها جاءت من طريق مشروعة.