للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

[المسارعة إلى فعل الخيرات]

خلق الله الإنسان في هذه الحياة، لعبادته: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ} [سورة الذاريات، الآية (٥٦) ] ولم يوجده ليعمرها بجمع حطامها، وتتبع زخارفها وملذاتها، ومجاراة الآخرين في زينتها ومتاعها، وعمره في هذه الحياة محدود، ومدة بقائه بها قصيرة، ولن يتمكن من إضافة دقيقة واحدة على ما كُتب له فيها، {وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا} [سورة المنافقون، الآية (١١) ] ولن يقدر على النقص أيضا، {فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ} [سورة الأعراف، الآية (٣٤) ] .

فإذا كنت أيها المسلم العاقل، تدرك ماهيتك في هذه الحياة، وأنك مسافر ولست مقيما، وأن عمرك سينتهي، وأنت مقبل على لحظة تلفظ فيها أنفاسك وتغادر، مهما طال عمرك، ولو جاوزت المائة، فلماذا اللهو والغفلة، ولماذا التسويف والتأخير، والمماطلة والتأجيل؟ في كل يوم ترمي بك نفسك الأمارة بالسوء إلى تأجيل العمل، غدا أعمل، غدا أعمل، وهكذا حتى تصرَّمت سنّي عمرك وأنت في لهوك وغفلتك، أما ترى الموت ينقض دون هوادة على من هم في سنك، ومن هم أصغر وأكبر منك، لماذا لم يكن لك في ذلك عظة وعبرة؟

يا نفس ويحك توبي واعملي حسنا ... عسى تجازين بعد الموت بالحسن

يا نفس كُفِّي عن العصيان واغتنمي ... فعلا حميدا لعل الله يرحمني

انهض أيها الحبيب، واستدرك ما مضى وفات، فربك يغفر الزلات، ويقيل

<<  <   >  >>