للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[ختام الشهر]

ها هي أيام رمضان قد انقضت، ولياليه تصرمت، مضت أوقاته كأنها طرفة عين، أو ومضة برق، كان المسلمون في جميع البلدان يترقبون دخوله، يستعدون له، يهنئ بعضهم بعضآ بمقدمه، وحل هذا الموسم الكريم، ونزل بساحتهم، بخيراته وبركاته، بفضائله وحسناته، ببره ونفحاته.

من عباد الله الفطن الذكي، الذي عرف أن الفرصة باغتنامها، وها هي أمامه فرصة عظيمة، فشمر عن ساعد الجد، ووطف جوارحه في طاعة الله، بادر بقلبه وقالبه في أطراف النهار، وفي أواخر اليالي، وفي أوقات الأسحار، وفي الهواجر، يذكر ربه، يتلو آياته، يردد التسبيح والتحميد، هو بين يدي خالقه، يركع ويسجد، يقوم ويطيل القيام، يلهج بالدعاء، وطلب المغفرة والرحمة، لأنه أيقن أن مثل هذا الموسم الثمين، قد لا يعود عليه مرة أخرى، فلا بد أن يغتنم أوقاته فيما يفيده وينفعه ويبقى له في آخرته:

إن لله عبادا فُطنا ... طلَّقوا الدنيا وخافوا المحنا

نظروا فيها فلما علموا ... أنها ليست لحي سكنا

جعلوها لجة واتخذوا ... صالح الأعمال فيها سُفنا

ومن الناس من ركبه الشيطان، وأضله الهوى وألف العصيان، فدخول رمضان لم يغير شيئا في مجرى حياته، ولم يعدل مسار برنامجه اليومي إلا بالسهر واللعب، والغفلة واللهو، يمتنع عن الطعام والشراب، ويصوم نهاره ولكنه بعيد عن مجالسة الصالحين، بعيد عن بيوت الله، وإن جاء إلى الصلاة أتاها كسولا

<<  <   >  >>