للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رسول الله صلي الله عليه وسلم وعنده عبد الله بن أبي أمية وأبو جهل، فقال له: " يا عم، قل لا إله إلا الله، كلمة أحاج لك بها عند الله"، فقالا له: أترغب عن ملة عبد

..................................................................................................

المخزومي، أحد العلماء والفقهاء الكبار السبعة من التابعين، اتفق أهل الحديث أن مراسيله أصح المراسيل، وقال ابن المديني: لا أعلم في التابعين أوسع علما منه، مات في التسعين وقد ناهز الثمانين، وأبوه المسيب صحابي بقي إلى خلافة عثمان رضي الله عنه وكذلك جده حزن صحابي استشهد باليمامة.

قوله: "لما حضرت أبا طالب الوفاة" أي علاماتها ومقدماتها.

قوله: "جاءه رسول الله صلي الله عليه وسلم" يحتمل أن يكون المسيب حضر مع الاثنين، فإنهما من بني مخزوم وهو أيضا مخزومي، وكان الثلاثة إذ ذاك كفارا، فقتل أبو جهل على كفره وأسلم الآخران.

قوله: "يا عم قل لا إله إلا الله" أمره بقولها لعلم أبي طالب بأنها دلت على نفي الشرك بالله، وإخلاص العبادة له وحده، فإن من قالها عن علم ويقين وقبول، فقد أنكر الشرك وتبرأ منه، وكذلك الحاضرون يعلمون بما دلت عليه من نفي الشرك والبراءة منه، ولهذا عارضوا قول النبي صلي الله عليه وسلم بقولهم: أترغب عن ملة عبد المطلب؟ لأن ملة عبد المطلب الشرك بعبادة الأوثان، كما كانت قريش وغيرهم في جاهليتهم كذلك.

قوله: "كلمة " قال القرطبي بالنصب على أنه بدل من لا إله إلا الله، ويجوز الرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف. قوله: "أحاج لك بها عند الله" لأنه لو قالها في تلك الحال لقبلت منه ودخل بها في الإسلام.

قوله: "فقالا له: أترغب عن ملة عبد المطلب؟ " ذكراه الحجة الملعونة التي يحتح بها المشركون على المرسلين، كقول فرعون لموسى: {قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الأُولَى} ١، وكقوله تعالى: {وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ} ٢.

قوله: "فأعاد عليه النبي صلي الله عليه وسلم فأعادا" فيه مضرة أصحاب السوء والحذر من قربهم والاستماع لهم، ففيه معنى قول الناظم:

إذا ما صحبت القوم فاصحب خيارهم ... ولا تصحب الأردى فتردى مع الردى

قوله: "فكان آخر ما قال: هو على ملة عبد المطلب، وأبى أن يقول: لا إله إلا الله".


١ سورة طه آية: ٥١.
٢ سورة الزخرف آية: ٢٣.

<<  <   >  >>