للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قبري وثنا يعبد، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " ١.

ولابن جرير بسنده عن سفيان عن منصور عن مجاهد في قوله تعالى: {فَرَأَيْتُمُ اللاتَ وَالْعُزَّى} ٢ قال: كان يلت لهم السويق فمات فعكفوا على قبره. وكذا قال أبو الجوزاء عن ابن عباس: كان يلت السويق للحاج.

وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: " لعن رسول الله صلي الله عليه وسلم زائرات

............................................................................................

غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ".

وذلك أنه صلي الله عليه وسلم خاف أن يقع من أمته في حقه كما وقع من اليهود والنصارى في حق أنبيائهم من عبادتهم من دون الله، وسبب ذلك الغلو فيهم كما قال تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيراً وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ} ٣، وكذلك رغب صلي الله عليه وسلم إلى ربه أن لا يجعل قبره وثنا يعبد، وقد عبدت القبور بأنواع العبادة كما لا يخفى، وتقدم في حديث عائشة - رضي الله عنها -: " ولولا ذلك لأبرز قبره غير أنه خشي أن يتخذ مسجدا "وقد استجاب الله دعوة نبيه صلي الله عليه وسلم وصان قبره وأحاطه بثلاثة جدران كما قال العلامة ابن القيم - رحمه الله تعالى -.

فأجاب رب العالمين دعاءه ... وأحاطه بثلاثة الجدران

قوله: ولابن جرير هو أبو جعفر ابن جرير صاحب التفسير الكبير، وهو أجل التفاسير وأحسنها وهو من أئمة المسلمين المجتهدين وله كتاب الأحكام - رحمه الله تعالى -. قوله: "كان يلت لهم السويق فمات فعكفوا على قبره" فيه شاهد للترجمة؛ فإنهم غلوا فيه لأجل صلاحه واتخذوه وثنا بتعظيمه وعبادته، وصار من أكبر أوثان أهل الجاهلية.

قوله: وعن ابن عباس - رضي الله عنهما -. قال: " لعن رسول الله صلي الله عليه وسلم زائرات القبور


١ رواه مالك في " الموطأ" رقم (٨٥) في قصر الصلاة في السفر: باب جامع الصلاة مرسلا , ورواه أحمد في "المسند" ٢ / ٢٤٦ من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - مسندا بلفظ: " اللهم لا تجعل قبري وثنا , لعن الله قوما اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " , ورواه أيضا ابن سعد وأبو نعيم في " الحلية ٧/ ٣١٧ , وهو حديث صحيح.
٢ سورة النجم آية: ١٩.
٣ سورة المائدة آية: ٧٧.

<<  <   >  >>