للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجدار والخوخة ونحوهما، قوله: فيدخل فيها فيدعو فنهاه، وهذا يدل على النهي عن قصد القبور والمشاهد لأجل الدعاء والصلاة عندها. قال شيخ الإسلام: ما علمت أحدا رخص فيه؛ لأن ذلك نوع من اتخاذه عيدا، ويدل أيضا على أن قصد القبر للسلام إذا دخل ليصلي منهي عنه؛ لأن ذلك لم يشرع، وكره مالك لأهل المدينة كلما دخل إنسان المسجد أن يأتي قبر النبي صلي الله عليه وسلم؛ لأن السلف لم يكونوا يفعلون ذلك. قال: "ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها" وكان الصحابة والتابعون - رضي الله عنهم - يأتون إلى مسجد النبي صلي الله عليه وسلم فيصلون، فإذا قضوا الصلاة قعدوا وخرجوا، ولم يكونوا يأتون القبر للسلام لعلمهم أن الصلاة والسلام عليه عند دخول المسجد هو السنة، وأما دخولهم عند قبره للصلاة والسلام عليه هناك أو للصلاة والدعاء فلم يشرعه لهم بل نهاهم عنه في قوله: " لا تتخذوا قبري عيدا وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني "، فبين أن الصلاة تصل إليه من بعد وكذلك السلام، ولعن من اتخذ قبور الأنبياء مساجد، وكانت الحجرة في زمانهم يدخل إليها من الباب لما كانت عائشة - رضي الله عنها – فيها، وبعد ذلك إلى أن بني الحائط الآخر، وهم مع ذلك التمكن من الوصول إلى قبره لا يدخلون إليه لا لسلام ولا لصلاة ولا لدعاء لأنفسهم ولا لغيرهم ولا لسؤال عن حديث أو علم، ولا كان الشيطان يطمع فيهم حتى يسمعهم كلاما أو سلاما فيظنون أنه هو كلمهم وأفتاهم وبين لهم الأحاديث، وأنه قد رد عليهم السلام بصوت يسمع من خارج كما طمع الشيطان في غيرهم فأضلهم عند قبره وقبر غيره حتى ظنوا أن صاحب القبر يأمرهم وينهاهم ويحدثهم في الظاهر، وأنه يخرج من القبر ويرونه خارجا من القبر، ويظنون أن نفس أبدان الموتى خرجت تكلمهم، وأن أرواح الموتى تجسدت لهم فرأوها، والمقصود أن الصحابة - رضوان الله عليهم - لم يكونوا يعتادون الصلاة والسلام عليه عند قبره كما يفعل من بعدهم من الخلوف.

قال سعيد بن منصور في "سننه" حدثنا عبد العزيز بن محمد: أخبرني سهيل بن أبي سهيل قال: رآني الحسن بن علي بن الحسن بن علي بن أبي طالب عند قبر النبي صلي الله عليه وسلم فناداني وهو في بيت فاطمة يتعشى، فقال: هلم إلى العشاء قلت: لا أريده. قال: ما لي رأيتك عند القبر؟ فقلت: سلمت على النبي صلي الله عليه وسلم، فقال: إذا دخلت المسجد فسلم، ثم قال لي: إن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: " لا تتخذوا قبري عيدا ولا تتخذوا بيوتكم قبورا وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيثما كنتم. لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد "ما أنتم ومن بالأندلس إلا سواء.

"قلت " وهو أيضا له قرب النسب وقرب الدار فنهى عن المجيء إلى القبر للدعاء

<<  <   >  >>