وقد روى ابن جرير عن وهب بن منبه ها هنا أثرا غريبا عجيبا قال وهب:" إن في الجنة شجرة يقال لها طوبى يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها، زهرها رياط، وورقها برود، وقضبانها عنبر، وبطحاؤها ياقوت، وترابها كافور ووحلها مسك يخرج من أصلها أنهار الخمر واللبن والعسل، وهي مجلس لأهل الجنة فبينا هم في مجلسهم إذ أتتهم الملائكة من ربهم يقودون نجبا مزمومة بسلاسل من ذهب، ووجوهها كالمصابيح من حسنها، ووبرها كخز المرعزى من لينه، عليها رحال ألواحها من ياقوت، ودفوفها من ذهب، وثيابها من سندس وإستبرق فينيخونها ويقولون: إن ربنا أرسلنا إليكم لتزوروه وتسلموا عليه، قال: فيركبونها قال: فهي أسرع من الطائر وأوطأ من الفراش خبا من غير مهنة يسير الرجل إلى جنب أخيه وهو يكلمه ويناجيه لا تصيب أذن راحلة منها أذن صاحبتها، ولا برك راحلة برك الأخرى حتى إن الشجرة لتتنحى عن طريقهم لئلا تفرق بين الرجل وأخيه، قال فيأتون إلى الرحمن الرحيم فيسفر لهم عن وجهه الكريم حتى ينظروا إليه فإذا رأوه قالوا: اللهم أنت السلام ومنك السلام وحق لك الجلال والإكرام. قال: فيقول - تبارك وتعالى - عند ذلك: "أنا السلام ومني السلام وعليكم حقت رحمتي ومحبتي مرحبا بعبادي الذين خشوني بالغيب، وأطاعوا أمري" قال: فيقولون ربنا إنا لم نعبدك حق عبادتك، ولم نقدرك حق قدرك فأذن لنا بالسجود قدامك، قال: فيقول الله: "إنها ليست دار عبادة ولا نصب، ولكنها دار ملك ونعيم، وإني قد رفعت عنكم نصب العبادة فسلوني ما شئتم فإن لكل رجل منكم أمنيته"، فيسألونه حتى إن أقصرهم أمنية ليقول: رب تنافس أهل الدنيا في دنياهم فتضايقوا، رب فآتني مثل كل شيء كانوا فيه من يوم خلقتها إلى أن انتهت الدنيا، فيقول الله تعالى: "لقد قصرت بك أمنيتك، ولقد سألت دون منزلتك، هذا لك مني؛ لأنه ليس في عطائي نكد ولا قصر يد" قال ثم يقول: "اعرضوا على عبادي ما لم تبلغ أمانيهم التي في أنفسهم" فيكون فيما يعرضون عليهم براذين مقرنة على كل أربعة منها سرير من ياقوتة واحدة على كل سرير منها قبة من ذهب مفرغة في كل قبة منها فرش من فرش الجنة مظاهرة، في كل قبة منها جاريتان من الحور العين، على كل جارية منهن ثوبان من ثياب الجنة وليس في الجنة، لون إلا وهو فيها، ولا طيب إلا قد عبق بهما، ينفذ ضوء وجوههما غلظ القبة حتى يظن من يراهما أنهما دون القبة، يرى مخهما من فوق كالسلك الأبيض في ياقوتة حمراء يريان له من الفضل على صحابته كفضل الشمس على الحجارة أو أفضل، ويرى لهما مثل ذلك، ثم يدخل إليهما فيحييانه ويقبلانه ويعانقانه، ويقولان له: ما ظننا أن الله يخلق مثلك. ثم يأمر