للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الله الملائكة فيسيرون بهم صفا في الجنة حتى ينتهي كل رجل منهم إلى منزلته التي أعدت له "اهـ.

قوله: "أشعث " مجرورة بالفتحة؛ لأنه اسم لا ينصرف للوصف ووزن الفعل ورأسه مرفوع على الفاعلية، وهو طائر الشعر أشغله الجهاد في سبيل الله عن التنعم بالأدهان وتسريح الشعر.

قوله: " مغبرة قدماه " هو بالجر صفة ثانية لعبد.

قوله: " إن كان في الحراسة " أي حامية الجيش عن أن يهجم العدو عليهم.

قولهم: " كان في الحراسة " أي غير مقصر فيها ولا غافل.

قوله: " وإن كان في الساقة كان في الساقة " أي في مؤخرة الجيش يقلب نفسه في مصالح الجهاد وبما فيه حفظ المجاهدين من عدوهم. قال الخلخالي: "المعنى ائتماره لما أمر وإقامته حيث أقيم لا يفقد مكانه، وإنما ذكر الحراسة والساقة لأنهما أشد مشقة".

قوله: " إن استأذن لم يؤذن له " أي استأذن على الأمراء ونحوهم، لم يأذنوا له؛ لأنه لا جاه له عندهم ولا منزلة، لأنه ليس من طلابها، وإنما يطلب ما عند الله.

قوله: " وإن شفع لم يشفع" يعني لو ألجأته الحال إلى أن يشفع له في أمر يحبه الله ورسوله، لم تقبل له شفاعة عند الأمراء ونحوهم. وعن عثمان رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: " حرس ليلة في سبيل الله أفضل من ألف ليلة يصام نهارها ويقام ليلها "١ وروى الحافظ ابن عساكر في ترجمة عبد الله بن المبارك هذه الأبيات بطرسوس، وواعده الخروج وأنشدها معه إلى الفضيل بن عياض في سنة سبعين ومائة.

يا عابد الحرمين لو أبصرتنا ... لعلمت أنك في العبادة تلعب

من كان يخضب خده بدموعه ... فنحورنا بدمائنا تتخضب

أو كان يتعب خيله في باطل ... فخيولنا يوم الصبيحة تتعب

ريح العبير لكم ونحن عبيرنا ... رهج السنابك والغبار الأطيب

ولقد أتانا من مقال نبينا ... قول صحيح صادق لا يكذب

لا يستوي غبار خيل الله في ... أنف امرئ ودخان نار تلهب

هذا كتاب الله ينطق بيننا ... ليس الشهيد بميت، لا يكذب

قال: فلقيت الفضيل بكتابه في المسجد الحرام، فلما قرأه ذرفت عيناه. فقال:


١ رواه الطبراني في " الكبير " والبيهقي وصححه الحاكم ٢/ ٨١ ووافقه الذهبي , وقال الألباني في ضعيف الجامع " رقم (٢٧٠٣) : حديث ضعيف.

<<  <   >  >>