للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً} ١. وقوله: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ} ٢. وقوله: {وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا} ٣ الآية.

.....................................................................................................................

أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ} لأن الكفر بالطاغوت ركن التوحيد كما في آية البقرة، فإذا لم يحصل هذا الركن لم يكن قد نفى ما نفته لا إله إلا الله.

قوله: {وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً} أي بعيدا عن الهدى ففي هذه الآية أربعه أمور:

"الأول " أنه من إرادة الشيطان. "الثاني " أنه ضلال. "الثالث " تأكيده بالمصدر "الرابع " وصفه بالبعد عن سبيل الحق والهدى.

فسبحان الله ما أعظم القرآن وما أنفعه لمن تدبره، وما أبلغه وما أدله على أنه كلام رب العالمين أوحاه إلى رسوله الكريم، وبلغه عبده الصادق الأمين صلوات الله وسلامه عليه.

قوله: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً} ٤، فإن المنافق يكره الحق وأهله ويهوى ما يخالفه من الباطل، وهذه حال أهل النفاق. قال العلامة ابن القيم: هذا دليل على أن من دعي إلى تحكيم الكتاب والسنة فأبى أنه من المنافقين - "قلت ": فما أكثرهم لا كثرهم الله - قال: و"يصدون" لازم وهو بمعنى يعرضون؛ لأن مصدره "صدودا" فما أكثر من اتصف بهذا الوصف خصوصا من يدعي العلم، فإنهم صدوا عما توجبه الأدلة من كتاب الله وسنة رسوله إلى أقوال من يخطئ كثيرا ممن ينتسب إلى مذهب من مذاهب الأربعة في تقليدهم من لا يجوز تقليده فيما يخالف الدليل، فصار المتبع للرسول صلي الله عليه وسلم من أولئك غريبا، وقد عمت البلوى بهذا.

قوله: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ} . قال أبو العالية في الآية: يعني لا تعصوا في الأرض؛ لأن من عصى الله في الأرض أو أمر بمعصية الله فقد أفسد في الأرض؛ لأن صلاح الأرض والسماء إنما هو بطاعة الله ورسوله. ومناسبة الآية للترجمة أن التحاكم إلى غير الله ورسوله من أعمال المنافقين، وهو من الفساد في الأرض، وفي الآية التنبيه على عدم الاغترار بأقوال أهل الأهواء وإن زخرفوها بالدعوى.

قوله: {وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا} ٥ قال أبو بكر بن عياش في الآية:


١ سورة النساء آية: ٦٠.
٢ سورة البقرة آية: ١١.
٣ سورة الأعراف آية: ٥٦.
٤ سورة النساء آية: ٦١.
٥ سورة الأعراف آية: ٥٦.

<<  <   >  >>