يزني وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن "١ فيكون مسلما ومعه مطلق الإيمان
١ البخاري رقم (٢٤٧٥) في المظالم: باب النهي بغير إذن صاحبه , رقم (٥٥٧٨) في الأشربة , في فاتحته , رقم (٦٧٧٢) في الحدود: باب الزنا وشرب الخمر , ورقم (٠ ٦٨١) في المحاربين: باب إثم الزناة , ومسلم رقم (٥٧) في الإيمان: باب بيان نقصان الإيمان بالمعاصي ونفيه عن المتلبس بالمعصية , وأبو داود رقم (٤٦٨٩) في السنة: باب الدليل على زيادة الإيمان ونقصانه , والترمذي رقم (٢٦٢٧) في الإيمان: باب ما جاء لا يزني الزاني وهو مؤمن , والنسائي ٨/٦٤ في السارق: باب تعظيم السرقة , وأحمد في " المسند" ٢/٢٤٣ و ٣١٧ و ٣٧٦ و ٣٨٦ و ٤٧٩ , وابن ماجه رقم (٣٩٣٦) في الفتن: باب النهي عن النهبة من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -. وفي الباب عن عبد الله بن مسعود , وعبد الله بن عباس رضي الله عنهم. انظر " جامع الأصول " رقم (١٩٢٧) و (٩٣٦٩) و (٩٣٧٠) . قال الإمام النووي - رحمه الله تعالى - في " شرحه على صحيح مسلم ٢/٤١ – ٤٢: "هذا الحديث مما اختلف العلماء في معناه، فالقول الصحيح الذي قاله المحققون أن معناه لا يفعل هذه المعاصي وهو كامل الإيمان , وهذا من الألفاظ التي تطلق على نفي الشيء ويراد نفي كماله ومختاره , كما يقال: لا علم إلا ما نفع، ولا مال إلا الإبل، ولا عيش إلا عيش الآخرة , وإنما تأولناه على ما ذكرناه لحديث أبي ذر وغيره , من قال: "لا إله إلا الله دخل الجنة وإن زنى وإن سرق" , وحديث عبادة بن الصامت الصحيح المشهور أنهم بايعوه على أن لا يسرقوا ولا يزنوا ولا يعصوا إلى آخره , ثم قال لهم - صلى الله عليه وسلم -: فمن وفى منكم فأجره على الله , ومن فعل شيئا من ذلك فعوقب في الدنيا فهو كفارته , ومن فعل ولم يعاقب فهو إلى الله تعالى إن شاء عفا عنه وإن شاء عذبه. فهذان الحديثان مع نظائرهما في الصحيح مع قول الله - عز وجل -: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} مع إجماع أهل الحق على أن الزاني والسارق والقاتل وغيرهم من أصحاب الكبائر غير الشرك لا يكفرون بذلك، بل هم مؤمنون ناقصو الإيمان , إن تابوا سقطت عقوبتهم وإن ماتوا مصرين على الكبائر كانوا في المشيئة فإن شاء الله تعالى عفا عنهم وأدخلهم الجنة أولا , وإن شاء عذبهم ثم أدخلهم الجنة , وكل هذه الأدلة تضطرنا إلى تأويل هذا الحديث وشبهه , ثم إن هذا التأويل ظاهر سائغ في اللغة مستعمل فيها كثير، وإذا ورد حديثان مختلفان ظاهرا وجب الجمع بينهما , وقد وردا هنا فيجب الجمع وقد جمعنا , وتأول بعض العلماء هذا الحديث على من فعل ذلك مستحلا له مع علمه بورود الشرع بتحربمه , وقال الحسن وأبو جعفر محمد بن جرير الطبري: معناه ينزع منه اسم المدح الذي يسمى به أولياء الله المومنين , ويستحق اسم الذم فيقال: سارق وزان وفاجر وفاسق , وحكي عن ابن عباس - رضي الله عنهما -: أن معناه ينزع منه نور الإيمان , وفيه حديث مرفوع , وقال المهلب: ينزع منه بصيرته في طاعة الله تعالى , وذهب الزهري إلى أن هذا الحديث وما أشبهه يؤمن بها ويمر على ما جاءت ولا يخاض في معناها وأنا لا نعلم معناها , وقال: أمروها كما أمرها من قبلكم , وقيل في معنى الحديث غير ما ذكرته مما ليس بظاهر بل بعضها غلط فتركتها، وهذه الأقوال التي ذكرتها في تأويله كلها محتملة، والصحيح في معنى الحديث ما قدمناه أولا والله أعلم".