للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وله بسند صحيح عن قتادة قال: شركاء في طاعته، ولم يكن في عبادته. وله بسند صحيح عن مجاهد في قوله: " {لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا} قال: أشفقا أن لا يكون إنسانا ". وذكر معناه عن الحسن وسعيد وغيرهما.

فيه مسائل:

الأولى: تحريم كل اسم معبَّد لغير الله.

الثانية: تفسير الآية.

الثالثة: أن هذا الشرك في مجرده تسمية لم تقصد حقيقتها.

الرابعة: أن هبة الله للرجل البنت السوية من النعم.

الخامسة: ذكر السلف الفرق بين الشرك في الطاعة، والشرك في العبادة.

......................................................................................................

لله وعبيد له استعبدهم بعبادته وحده وتوحيده في ربوبيته وإلهيته، فمنهم من عبد الله وحده في ربوبيته وإلهيته، ومنهم من أشرك به في إلهيته وأقر له بربوبيته وأسمائه وصفاته، وأحكامه القدرية جارية عليهم ولا بد كما قال الله تعالى: {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِلا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً} ١ فهذه العبودية العامة، وأما العبودية الخاصة فإنها تختص بأهل الإخلاص والطاعة كما قال تعالى: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} ٢ ونحوها.

قوله: "حاشا عبد المطلب " هذا استثناء من العموم؛ لأنه ليس المقصود منه عبودية الرق، وإنما هو اسم علق به لما أتى به عمه المطلب من عند أخواله بني النجار من المدينة، وهو صبي فرأته قريش حين جاء به وقد تغير لونه من السفر فقالوا عبد المطلب، ثم تبين لهم أنه ابن أخيه هاشم فصارت العبودية في هذا الاسم لا حقيقة لها ولا قصد، لكن غلب عليه فصار لا يسمى إلا به، وإلا فاسمه في الأصل شيبة، وقد صار عبد المطلب معظما في قريش والعرب فهو سيد قريش وأشرفهم في جاهليته، وهو الذي حفر زمزم، وما جرى له في حفرها مذكور في السير وكتب الحديث وصارت السقاية له وفي ذريته.

قال شيخنا في معنى قوله: {فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا} ٣ إن هذا الشرك بمجرد تسميته لم يقصدا حقيقته التي أرادها إبليس وهذا يزيل الإشكال، وهذا معنى قول قتادة "شركاء في طاعته ولم يكن في عبادته ".


١ سورة مريم آية: ٩٣.
٢ سورة الزمر آية: ٣٦.
٣ سورة الأعراف آية: ١٩٠.

<<  <   >  >>