للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن حصين بن عبد الرحمن قال: كنت عند سعيد بن جبير فقال: أيكم رأى الكوكب الذي انقض البارحة؟ فقلت: أنا، ثم قلت: أما إني لم أكن في صلاة، ولكني لدغت، قال: فما صنعت؟ قلت: ارتقيت قال: فما حملك على ذلك؟ قلت: حديث حدثناه الشعبي، قال: وما حدثكم؟ قلت: حدثنا عن بريدة بن الحصيب أنه قال: " لا رقية إلا من عين أو حمة " ١ قال: قد أحسن

..................................................................................................

قوله: "عن حصين بن عبد الرحمن " هو الحارثي من تابعي التابعين عن الشعبي.

قال: "كنت عند سعيد بن جبير " هو الوالبي مولاهم الفقيه عن ابن عباس وخلق، قال اللالكائي: ثقة إمام حجة. قتله الحجاج بن يوسف فما أمهله الله بعده. قوله: "فقال: أيكم رأى الكوكب الذي انقض البارحة " يعني كوكبا رجم به تلك الليلة، يقال البارحة لليلة الماضية إذا زالت الشمس، وأما قبل الزوال فيقال: الليلة. قوله "فقلت: أنا " أي أنا رأيته "ثم قلت: أما إني لم أكن في صلاة " قال ذلك حذرا من الشرك لئلا يظن الحاضرون أنه قام من الليل للعبادة فيكون قد ادعى لنفسه ما لم يفعله، فما أشد حذر التابعين ومن قبلهم من الشرك دقيقه وجليله، والحذر من أن يحمد بما لم يفعله. فما أعز من سلم من الشرك كما سيأتي.

قوله: "ولكن حديث حدثناه الشعبي، قال: وما حدثكم؟ قلت: " حدثنا عن بريدة ابن الحصيب أنه قال: " لا رقية إلا من عين أو حمة " ٢.

هذا الحديث قد روي مرفوعا، والشعبي اسمه عامر بن شراحيل الحميري الشعبي الإمام، روى عن عمر وعلي وابن مسعود ولم يسمع منهم. وعن أبي هريرة وعائشة وجرير وابن عباس وخلق. قال الشعبي: ما كتبت سوداء في بيضاء توفي سنة ثلاث ومائة. وبريدة هو ابن الحصيب ابن عبد الله بن الحارثي الأسلمي، أسلم قبل بدر وعمل على اليمن في أيام النبي صلي الله عليه وسلم صحابي مشهور.

قوله: " لا رقية إلا من عين أو حمة " ٣ هذا- والله أعلم- في أول الأمر ثم رخص في الرقى إذا كانت بحق، والله اعلم.

قوله: "قد أحسن من انتهى إلى ما سمع ".

فيه حسن الأدب مع العلم وأهله، وأن من فعل شيئا سئل عن مستنده في فعله هل كان مقتديا أم لا، ومن لم يكن معه حجة شرعية فلا عذر له بما فعله. ولهذا ذكر ابن عبد البر الإجماع على أن المقلد ليس من أهل العلم فتفطن لهذا.


١ مسلم: الإيمان (٢٢٠) , وأحمد (١/٢٧١) .
٢ مسلم: الإيمان (٢٢٠) , وأحمد (١/٢٧١) .
٣ مسلم: الإيمان (٢٢٠) , وأحمد (١/٢٧١) .

<<  <   >  >>