للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الله من غير منار الأرض " رواه مسلم١.

وعن طارق بن شهاب أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: " دخل الجنة رجل في ذباب، ودخل النار رجل في ذباب. قالوا: وكيف ذلك يا رسول الله؟!

..................................................................................................

وأما "محدثا " فقال أبو السعادات: يروى بكسر الدال وفتحها على الفاعل والمفعول. فمعنى الكسر من نصر جانيا وآواه وأجاره من خصمه، وحال بينه وبين أن يقتص منه، والفتح هو الأمر المبتدع نفسه، ويكون معنى الإيواء فيه الرضى به والنصر. فإنه إذا ارتضى بالبدعة وأقر فاعلها ولم ينكر عليه فقد آواه، قال ابن القيم - رحمه الله تعالى -: "هذه الكبيرة تختلف مراتبها باختلاف مراتب الحدث في نفسه فكلما كان الحدث في نفسه أكبر كانت الكبيرة أعظم".

قوله: " لعن الله من غير منار الأرض "بفتح الميم علامات حدودها وهي التي توضع لتمييز حق الشركاء إذا اقتسموا ما بينهم في الأرض والدور، قال في النهاية: أي معالمها وحدودها "قلت " وذلك بأن يرفع ما جعل علامة على تمييز حقه من حق شريكه فيأخذ من حق شريكه بعضه فهذا ظلم عظيم، وفي الحديث: " من ظلم شبرا من الأرض طوقه من سبع أرضين يوم القيامة "٢ فما أجهل أكثر الخلق حتى وقعوا بجهلهم وظلمهم فيما يضرهم في دنياهم وأخراهم، وذلك لضعف الإيمان بالمعاد والحساب على الأعمال والجنة والنار نسأل الله العفو والعافية في الدنيا والآخرة.

قوله: "عن طارق بن شهاب " البجلي الأحمسي أبو عبد الله، قال أبو داود: رأى النبي صلي الله عليه وسلم ولم يسمع منه شيئا. قال الحافظ: إذا ثبت أنه لقي النبي صلي الله عليه وسلم فهو صحابي، وإذا ثبت أنه لم يسمع منه فروايته عنه مرسل صحابي وهو مقبول على الراجح، وكانت وفاته على ما جزم به ابن حبان سنة ثلاث وثمانين، قال ابن القيم - رحمه الله تعالى -: قال الإمام


١ رواه مسلم (١٩٧٨) (٤٣) , و (٤٤) , و (٤٥) في الأضاحي: باب تحريم الذبح لغير الله ولعن فاعله , والنسائي ٧ / ٢٣٢ في الضحايا: باب من ذبح لغير الله.
٢ البخاري رقم (٢٤٥٣) في المظالم: باب إثم من ظلم شيئا من الأرض , ورقم (٣١٩٥) في بدء الخلق: باب ما جاء في سبع أرضين , ومسلم رقم (١٦١٠) في المساقاة: باب تحريم الظلم وغصب الأرض وغيرها , وأحمد في " المسند " ٦/ ٦٤ و ٧٩ و ٢٥٢ و ٢٥٩ من حديث عائشة رضي الله عنها. قوله: " طوقه" قال الخطابي: "له وجهان: أحدهما أن معناه أنه - يكلف نقل ما ظلم منها في القيامة إلى المحشر , ويكون كالطوق في عنقه , لا أنه طوق حقيقة. الثاني معناه أنه يعاقب بالخسف إلى سبع أرضين , أي فتكون كل أرض في تلك الحالة طوقا في عنقه" اهـ. (الفتح ٥ / ١٠٤) .

<<  <   >  >>