بالجن باستعاذتهم بعزيزهم جرأة عليهم وازدادوا هم بذلك إثما، وقال مجاهد: فازداد الكفار طغيانا، وقال ابن زيد: وزادهم الجن خوفا، وقد أجمع العلماء على أنه لا تجوز الاستعاذة بغير الله. وقال ملا علي قاري الحنفي - رحمه الله -: "لا تجوز الاستعاذة بالجن فقد ذم الله الكافرين على ذلك وذكر الآية وقال تعالى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الأِنْسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الأِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا} ١ الآية. فاستمتاع الإنسي بالجني في قضاء حوائجه وامتثال أوامره وإخباره بشيء من المغيبات، واستمتاع الجني بالإنسي تعظيمه إياه واستعاذته به وخضوعه له" انتهى ملخصا، قال المصنف - رحمه الله تعالى -: "وفيه أن كون الشيء يحصل به منفعة دنيوية من كف شر أو جلب نفع لا يدل على أنه ليس من الشرك".
"خولة بنت حكيم " بن أمية السلمية يقال لها أم شريك، ويقال: إنها هي الواهبة، وكانت قبل تحت عثمان بن مظعون، قال ابن عبد البر: "وكانت صالحة فاضلة".
قوله: " أعوذ بكلمات الله التامات "شرع الله لأهل الإسلام أن يستعيذوا به لا كما يفعل أهل الجاهلية من الاستعاذة بالجن، فشرع الله تعالى للمسلمين أن يستعيذوا بأسمائه وصفاته. قال القرطبي - رحمه الله تعالى -: قيل معناه الكاملات التي لا يلحقها نقص ولا عيب كما يلحق كلام البشر، وقيل معناه الكافية الشافية، قيل: الكلمات هنا هي القرآن، فإن الله أخبر عنه أنه هدى وشفاء، وهذا الأمر على جهة الإرشاد إلى ما يدفع به الأذى، وعلى هذا فحق المستعيذ بالله تعالى وبأسمائه وصفاته أن يصدق الله في التجائه إليه ويتوكل في ذلك عليه ويحضر ذلك في قلبه، فمن فعل ذلك وصل إلى منتهى طلبه ومغفرة ذنبه، قال شيخ الإسلام - رحمه الله تعالى -: وقد نص الأئمة كأحمد وغيره على أنه لا يجوز الاستعاذة بمخلوق، وهذا مما استدلوا به على أن كلام الله ليس بمخلوق، قالوا: لأنه ثبت عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه استعاذ بكلمات الله وأمر بذلك، ولهذا نهى العلماء عن التعازيم والتعاويذ التي لا يعرف معناها خشية أن يكون فيها شرك، قال ابن القيم - رحمه الله تعالى -: ومن ذبح للشيطان ودعاه واستعاذ به وتقرب إليه بما يحب فقد عبده إن لم يسم ذلك عبادة، ويسميه