الحارثي في صحته خلافاً بين الأصحاب قال ولنا أنه إزالة ملك على وجه القربة فصح مطلقاً كالأضحية والوصية أما صورة المجهول فالفرق بينهما أن الإطلاق يفيد مصرف البر لخلو اللفظ عن المانع منه وكونه متعارفاً فالعرف إليه ظاهر في مطابقة مراده وكذلك التقييد بالمجهول فانه قد يريد به معيناً غير ما قلنا من المتعارف فيكون إذاً الصرف إلى المتعارف غير المطابق لمراده فينتفي الصرف بالكلية فلم يصح الشرط انتهى ما ذكره في الإقناع وعبارة صاحب الانصاف.
وان قال وقفت وسكت يعني حكمه حكم الوقف المنقطع الانتهاء والوقف صحيح عند الأصحاب وقطعوا به وقال في الروضة على الصحيح عندنا فظاهره أن في الصحة خلافاً فعلى المذهب حكمه حكم الوقف المنقطع الانتهاء في مصرفه على الصحيح من المذهب كما قال المصنف هنا وقطع به القاضي في المجرد وابن عقيل واختاره صاحب التلخيص وغيره وقال القاضي وأصحابه يصرف في وجوه البر انتهى كلامه وصورة المسئلة المسؤول عنها تقرب من هذه الصورة لأنه لم يعين الجهة وقد تقرر أن الصحيح أن تعيين الجهة ليس بشرط.
وأما إذا جعل النظر والتعيين إلى الرجل بعينه فمات فقال في الإقناع وشرحه فإن لم يشترط الواقف ناظراً أو شرطه لإنسان فمات المشروط له فليس للواقف ولاية النصب أي نصب ناظراً لانتفاء ملكه فلم يملك النصب ولا العزل كل في الأجنبي ويكون النظر للموقوف عليه إذا كان الموقوف عليه آدمياً معيناً كزيد أو جمعاً محصوراً انتهى والله سبحانه وتعالى أعلم.
(المسألة الثالثة عشرة) لو أجر الواقف مستحقه مدة طويلة وحكم حاكم بلزومها هل تلزم أم لا إلى أن يأتي محل الحكم وهو موت المؤجر؟
(فالجواب) أن الذي قطع به مشايخ المذهب أن المستحق للوقف إذا كان هو الناظر يجوز له إجارة الوقف مدة ولم يقيدوها بطول أو قصر فدل على جوازها وصحتها بالمدة الطويلة ولم يذكروا في ذلك خلافاً إلا تخريجاً ذكره الموفق في المغني أنها تبطل وإنما حكى الخلاف في أنفسخها بموت المؤجر هل تنفسخ بذلك أم لا قال في المغني إذا أجر الموقوف عليه مدة فمات في أثنائها وانتقلت إلى من بعده ففيه وجهان أحدهما لا تنفسخ الإجارة لأنه أجر ملكه في زمن ولايته فلم تبطل بموته كما لو آجر ملكه الطلق (الثاني) تفسخ الإجارة فيما بقي من المدة لأنا تبينا أنه آجر ملكه وملك غيره فصح في ملكه دون ملك غيره كما لو آجر دارين أحداهما له والأخرى لآخر وذلك لأن المنافع بعد الموت حق لغيره فلا ينفذ عقده عليها من غير ملك ولا ولاية بخلاف الطلق فإن الوارث من جهة الموروث فلا يملك إلا ما خلف وما تصرف فيه في حياته لا ينتقل إلى الوارث والمنافع التي آجرها قد خرجت من ملكه بالإجارة فلا ينتقل إلى الوارث والبطن الثاني في الوقف يملكون من جهة الواقف فما حدث منها بعد البطن الأول كان ملكاً لهم فقد صادف تصرف المؤجر ملكهم من غير إذنهم ولا ولاية له عليهم فلم يصح