فمثلاً المسلم المقيم في دار الكفر يحرم عليه التعامل بالربا وبجميع العقود الفاسدة في دار الكفر، ولا أثر لاختلاف الدار في ذلك، لأن النصوص الواردة من الكتاب والسنة في تحريم الربا وردت عامة لم تفرق بين التعامل به في دار الإسلام أو في دار الكفر.
وكذلك الحدود تقام على المسلم إذا ارتكب موجبها في أي مكان ولا فرق بين دار الإسلام دار الكفر، وذلك لأن النصوص أيضاً الموجبة لإقامة الحدود وردت عامة لم تفرق بين إقامتها في دار الإسلام أو في دار الكفر.
وخلاصة الأمر أن المسلم يجب عليه أن يلتزم بالأحكام الشرعية الإسلامية في كل زمان وأني كان في دار الإسلام أو في دار الكفر.
وقد ذكر الزنجاني١ الشافعي الاختلاف بين أصحابه والأحناف فقال: اختلاف الدارين أعني دار الإسلام ودار الحرب لا يوجب تباين الأحكام عند الشافعي، وقال أبو حنيفة اختلاف الدارين يوجب تباين الأحكام.
واحتج لأصحابه بقوله: "بأن الدور والأماكن والرباع لا حكم لها لدار البغي ودار العدل، وإنما الحكم لله تعالى، ودعوة الإسلام عامة على
١ هو محمود بن أحمد بن محمود بن مختار أبو المناقب شهاب الدين الزنجاني، من علماء الشافعية في الفقه واللغة والأصول، ولد سنة ٥٧٣ وتوفي سنة ٦٥٦ من تصانيفه: تنقيح الصحاح، وتخريج الفروع على الأصول. انظر ترجمته في: طبقات الشافعية لابن السبكي ٥/١٥٤، والأعلام ٧/١٦١.