ومعنى اختلاف الدارين الذي تتحقق به الفرقة عند الحنفية ومن معهم هو أن يكون أحد الزوجين من أهل دار الإسلام حقيقة أو حكما، بالإسلام أو الذمة، والآخر من أهل دار الكفر - أي كافرا حربيا - كأن يسلم أحد الزوجين في دار الكفر، ثم يهاجر إلى دار الإسلام، أو يخرج أحد الزوجين من دار الكفر إلى دار الإسلام، ذميا، أو مستأمنا، ثم يسلم أو يعقد عقد الذمة، أو يخرج المسلم من دار الإسلام إلى دار الكفر مرتدا عن دينه، أو يخرج الذمي من دار الإسلام إلى دار الكفر ناقضا للعهد، ففي جميع هذه الأحوال تجب الفرقة بين الزوجين، لتباين الدارين بينهما.
أما إذا كان الزوجان مسلمين، فخرج أحدهما إلى دار الكفر بأمان أو بغيره، فلا تقع الفرقة، لأنهما من أهل دار واحدة، وإن كان أحدهما مقيما في دار الكفر، والآخر في دار الإسلام، فاختلاف الدار لا أثر له بالنسبة للزوجين المسلمين.١
القول الثاني: أن اختلاف الدارين ليس سببا من أسباب الفرقة بين الزوجين، سواء كان الاختلاف حقيقة أو حكما، بالإسلام أو بالذمة، ولا يفرق بينهما إلا إذا انقضت العدة بدون إسلام المتأخر منهما، فالفرقة حينئذ تقع لاختلاف الدين بينهما، وليس لاختلاف الدار. وهو مروي عن الأوزاعي والليث بن سعد.
١ أحكام القرآن للجصاص٣/٤٣٩، والمبسوط ٥/٥٠، ٥١، وتبيين الحقائق ٢/١٧٦.