للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأصحابه"، وقد ورد ذلك صريحا في رواية موسى بن عقبة في المغازي، وأن عبد الله بن أبي كان وافق رأيه رأي النبي صلى الله عليه وسلم على الإقامة بالمدينة، فلما أشار غيره بالخروج وأجابهم النبي صلى الله عليه وسلم فخرج، قال: عبد الله بن أبي لأصحابه: أطاعهم وعصاني علام نقتل أنفسنا؟ فرجع بثلث الناس.

قال ابن إسحاق في روايته: "فاتبعهم عبد الله بن عمورو بن حرام وهو والد جابر وكان خزرجيا كعبد الله بن أبي فناشدهم أن يرجعوا فأبوا، فقال: أبعدكم الله"١.

قلت: رواية ابن إسحاق المشار إليها خلاصتها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سمع بوصول قريش ونزولها في أطراف المدينة قال للمسلمين: "إني قد رأيت والله خيرا، رأيت بقرا٢ ورأيت في ذباب سيفي ثلما، ورأيت أني أدخلت يدي في درع حصينة فأولتها بالمدينة، فإن رأيتم أن تقيموا بالمدينة، وتدعوهم حيث نزلوا، فإن أقاموا أقاموا بشر مقام، وإن هم دخلوا علينا قاتلناهم فيها"، وكان رأي عبد الله بن أبي ابن سلول مع رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم يرى رأيه في ذلك، وألا يخرج إليهم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكره الخروج، فقال رجال من المسلمين، ممن أكرم الله بالشهادة يوم أحد وغيره، ممن كان فاته بدر يا رسول الله اخرج بنا إلى أعدائنا لا يرون أنا جبنا عنهم وضعفنا، فقال عبد الله بن أبي ابن سلول: "يا رسول الله أقم بالمدينة لا تخرج إليهم، فوالله ما خرجنا منها إلى عدونا قط، إلا أصاب منا ولا دخلها علينا إلا أصبنا منه، فدعهم يا رسول الله، فإن أقاموا أقاموا بشر محبس وإن دخلوا قاتلهم الرجال في وجههم ورماهم النساء والصبيان بالحجارة من فوقهم وإن رجعوا رجعوا خائبين كما جاؤوا" فلم يزل الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم ... حتى خرج في ألف من أصحابه، حتى إذا كانوا بالشوط بين المدينة وأحد، انخذل عنه عبد الله بن أبي ابن سلول بثلث الناس وقال: "أطاعهم


١ فتح الباري ٤/ ٩٧ و٧/ ٣٥٦ و٨/ ٢٥٧.
٢ وعند أحمد في مسنده ٣/ ٣٥١ "ورأيت بقرا منحرة" وفي المستدرك ٢/ ١٢٩ "ورأيت بقرا تذبح".

<<  <   >  >>