للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعصاني، ما ندري علام نقتل أنفسنا ههنا أيها الناس"، فرجع بمن اتبعه من قومه من أهل النفاق والريب، واتبعهم عبد الله بن عمرو بن حرام يقول: "يا قوم أذكركم الله ألا تخذلوا قومكم ونبيكم عند من حضر عن عدوهم" فقالوا: "لو نعلم أنكم تقاتلون لما أسلمناكم، ولكنا لا نرى أنه يكون قتال قال: "فلما استعصوا عليه، وأبوا إلا الانصراف عنهم قال: "أبعدكم الله، أعداء الله، فسيغني الله عنكم نبيه"١.

قلت: الحديث مرسل لأنه من رواية الزهري ومحمد بن يحيى بن حبان وعاصم بن عمر بن قتادة وحصين بن عبد الرحمن وهؤلاء لم يحضروا القصة، وهو من هذه الطريق عند الطبري وابن كثير٢.

ووصله أحمد من طريق أبي الزبير عن جابر بن عبد الله نحوه٣.

وله شاهد عند الحاكم والبيهقي من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، وقال الحاكم عقبه: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، وأقره الذهبي٤.

قال ناصر الدين الألباني: "حديث أحمد على شرط مسلم، غير أن فيه أبا الزبير، مدلس وقد عنعنه. وحديث البيهقي إسناده حسن، وأشار إلى حديث الحاكم وتصحيحه له، وموافقة الذهبي له، ثم قال: الحديث صحيح"٥.

وهكذا فقد صح أن المنافقين خذلوا المسلمين في أحرج المواقف، بتأثيرهم على الضعفاء، وسحبهم ثلث جيش المسلمين، الذي خرج للتصدي للمشركين، واحتجوا لأنفسهم بأوهى الأسباب، وهو زعمهم أن القتال لن يقع - وكأن المسلمين خرجوا للنزهة - مع أنهم يعتقدون أن القتال حاصل لا محالة،


١ سيرة ابن هشام ٢/ ٦٠- ٦٤.
٢ تاريخ الطبري ٢/ ٤٩٩- ٥٠٣ وتفسير ابن كثير ١/ ٤٢٥.
٣ مسند أحمد ٣/ ٣٥١.
٤ المستدرك ٢/ ١٢٨- ١٢٩ وحديث البيهقي أخرجه ابن كثير في البداية والنهاية ٤/ ١١.
٥ حاشية فقه السيرة للغزالي، ص ٢٦٩.

<<  <   >  >>