للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الناس لما قفلوا راجعين على المدينة وقف عبد الله بن عبد الله هذا على باب المدينة واستل سيفه فجعل الناس يمرون عليه، فلما جاء أبو عبد الله ابن أبي، قال له ابنه وراءك؟ فقال مالك ويلك؟ فقال: "والله لا تجوز من ههنا حتى يأذن لك رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه العزيز وأنت الذليل"، قلما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان إنما يسير ساقة فشكا إليه عبد الله بن أبي ابنه، فقال ابنه عبد الله: "والله يا رسول الله لا يدخلها حتى تأذن له"، فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "أما إذا أذن لك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجز الآن"١.

قلت: وهو منقطع أيضا وذلك لما تقدم من أن وفاة عبد الله بن عبد الله بن أبي، كانت سنة اثنتي عشرة، وعكرمة أقل ما قيل في وفاته أنها سنة (١٠٤) وكان عمره ثمانين سنة، فتكون ولادته سنة أربع وعشرين بعد وفاة عبد الله باثنتي عشرة سنة٢، وبهذا تكون الأحاديث الأربعة منقطعة، ولكن بمجموعها يؤيد بعضها بعضا وترتقي إلى درجة الحسن لغيره.

ويقويها ما رواه الترمذي: حدثنا ابن أبي عمر أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار سمع جابر بن عبد الله يقول: "كنا في غزاة قال سفيان يرون أنها غزوة بني المصطلق فكسع رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار، فقال المهاجري: يا للمهاجرين، وقال الأنصاري: يا للأنصار". الحديث ...

وفي آخره، وقال غير عمرو فقال له ابنه عبد الله بن عبد الله: والله لا تنقلب حتى تقر أنك الذليل، ورسول الله صلى الله عليه وسلم العزيز ففعل. "هذا حديث حسن صحيح"٣.

والحديث أخرجه الشيخان دون هذه الزيادة، وقد تقدم٤. ومجموع هذه الروايات المختلفة يبرز لنا موقفا صلبا قويا من مواقف العقيدة الإسلامية إذا


١ تفسير ابن كثير ٤/ ٣٧٢، وتاريخه ٤/ ١٥٨.
٢ انظر تهذيب التهذيب ٧/ ٢٧١.
٣ الترمذي ٥/ ٩٠، كتاب التفسير.
٤ انظر ص ١٧٥، وما بعدها.

<<  <   >  >>