للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ} ، [سورة النور، الآية: ١١] ، جلس ثم قال: "يا أبا بكر من تولى كبره منهم؟ أليس علي بن أبي طالب؟ " قال: "قلت في نفسي: "ماذا أقول؟ لئن قلت لا، لقد خشيت أن ألقى منه شرا، ولئن قلت نعم، لقد جئت بأمر عظيم، قلت في نفسي: لقد عودني الله على الصدق خيرا، قلت: لا قال: فضرب بقضيبه على السرير ثم قال: "فمن فمن؟ " حتى ردد ذلك مرارا، قلت: "لكن عبد الله بن أبي"١.

وقد جاء عن الزهري أيضا: أن هشام٢ بن عبد الملك، كان يعتقد هذا أيضا، فقد أخرج يعقوب بن شيبة في مسنده: حدثنا الحسن بن علي الحلواني، ثنا الشافعي٣، ثنا عمي٤. قال: دخل سليمان٥ بن يسار على هشام بن عبد الملك، فقال له: "يا سليمان {وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ} ، من هو؟ قال: "ابن أبي". قال: "كذبت هو علي"، قال: "أمير المؤمنين أعلم بما يقول"، فدخل الزهري، فقال: "يا ابن شهاب من الذي تولى كبره؟ " قال: "ابن أبي"، قال: "كذبت هو علي"، فقال: "أنا أكذب، لا أبا لك٦، والله لو نادى مناد من السماء أن الله أحل الكذب ما كذبت".

حدثني عروة وسعيد وعبيد الله وعلقمة عن عائشة: "أن الذي تولى كبره عبد الله بن أبي (فذكر له قصة مع هشام وفي آخرها - نحن هيجنا الشيخ) "٧.


١ فتح االباري ٧/ ٤٣٧.
٢ هشام بن عبد الملك بن مروان بن الحكم الخليفة الأموي، (ت١٢٥?) .
٣ هو محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع، أبو عبد الله الإمام المشهور صاحب المذهب (ت٢٠٤) ، التقريب ٢/ ١٤٣ خت م عم.
٤ هو محمد بن علي بن شافع المطلبي، المكي وثقه الشافعي، من السابعة، د س، المصدر السابق ٢/ ١٩٢.
٥ سليمان بن يسار الهلالي، المدني، مولى ميمونة، وقيل أم سلمة، ثقة فاضل، أحد الفقهاء السبعة، من كبار الثالثة (ت بعد المائة وقيل قبلها) /ع. المصدرالسابق١/٣٣١.
٦ قوله: لا أبا لك: قال في النهاية: هذا اللفظ أكثر ما يذكر في المدح، أي لا كافي لك غير نفسك، وقد يذكر في معرض الذم كما يقال: لا أم لك. انظر النهاية في غريب الحديث لابن الأثير ١/ ١٩.
قلت: وهنا يحمل قول الزهري على الذم، لأنه صدر منه في حالة الغضب.
٧ فتح الباري ٧/ ٤٣٧، والدر المنثور ٥/ ٣٢.

<<  <   >  >>