للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عذر علي بن أبي طالب في ذلك:

قال النووي: "الذي قاله علي رضي الله عنه هو الصواب في حقه صلى الله عليه وسلم، لأنه رآه مصلحة ونصيحة للنبي صلى الله عليه وسلم في اعتقاده، ولم يكن ذلك في نفس الأمر، لأنه رأى انزعاج النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الأمر، وتقلقه، فأراد راحة خاطره، وكان ذلك أهم من غيره".ا?ـ١.

وقال ابن قيم الجوزية: "ولما استشار النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه في فراق أهله فأشار عليه رضي الله عنه أن يفارقها ويأخذ غيرها تلويحا لا تصريحا، لأنه لما رأى أن ما قيل مشكوك فيه أشار بترك الشك والريبة إلى اليقين، ليتخلص رسول الله صلى الله عليه وسلم من الهم والغم الذي لحقه من كلام الناس، فأشار بحسم الداء"٢.

وقال ابن حجر: "هذا الذي قاله علي رضي الله عنه حمله عليه ترجيح جانب النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى عنده من القلق والغم بسبب القول الذي قيل، وكان صلى الله عليه وسلم شديد الغيرة٣، فرأى علي أنه إذا فارقها سكن ما عنده من القلق بسببها إلى أن يتحقق براءتها فيمكن رجعتها".

ثم أورد ما ذكره ابن أبي جمرة في هذا: فقال: وقال الشيخ أبو محمد* بن أبي جمرة: "لم يجزم علي بالإشارة بفراقها، لأنه عقب بذلك بقوله: "وسل الجارية تصدقك" ففوض الأمر في ذلك إلى نظر النبي صلى الله عليه وسلم فكأنه قال: إن أردت تعجيل الراحة ففارقها، وإن أردت خلاف ذلك فابحث عن حقيقة الأمر إلى أن تطلع على براءتها، لأنه كان


١ شرح مسلم ٥/ ٦٣٤.
٢ زاد المعاد ٢/ ١٢٦.
٣ الغيرة بفتح الغين: مصدر قولك "غار الرجل على أهله يغار غيرا وغيرة وغارا ومعناه الحميةوالأنفة".انظر: مختار الصحاح ص:٤٨٦،والنهاية لابن الأثير٣/٤٠١.
(*) هو عبد الله بن أبي جمرة محدث مقرئ من آثاره: مختصر الجامع الصحيح للبخاري، وشرح بهجة النفوس في سفرين، (ت٦٩٩?) ، معجم المؤلفين لكحالة ٦/ ٤٠.

<<  <   >  >>